للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَحَدُهُمَا: هُوَ قَوْلُهُ «فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ. . .» وَإِنَّمَا جُعِلَ جَوَابًا؛ لِأَنَّهُمْ كَانُوا يَتَحَرَّجُونَ مِنَ الْوَلَايَةِ فِي أَمْوَالِ الْيَتَامَى، وَلَا يَتَحَرَّجُونَ مِنَ الِاسْتِكْثَارِ مِنَ النِّسَاءِ، مَعَ أَنَّ الْجَوْرَ يَقَعُ بَيْنَهُنَّ إِذَا كَثُرْنَ، فَكَأَنَّهُ قَالَ إِذَا تَحَرَّجْتُمْ مِنْ هَذَا فَتَحَرَّجُوا مِنْ ذَاكَ.

وَالْوَجْهُ الثَّانِي: أَنَّ جَوَابَ الشَّرْطِ قَوْلُهُ: فَوَاحِدَةً؛ لِأَنَّ الْمَعْنَى إِنْ خِفْتُمْ أَنْ لَا تُقْسِطُوا فِي نِكَاحِ الْيَتَامَى فَانْكِحُوا مِنْهُنَّ وَاحِدَةً، ثُمَّ أَعَادَ هَذَا الْمَعْنَى فِي قَوْلِهِ: «فَإِنْ خِفْتُمْ أَنْ لَا تَعْدِلُوا» لَمَّا طَالَ الْفَصْلُ بَيْنَ الْأَوَّلِ وَجَوَابِهِ. ذَكَرَ هَذَا الْوَجْهَ أَبُو عَلِيٍّ.

(أَلَّا تُقْسِطُوا) : الْجُمْهُورُ عَلَى ضَمِّ التَّاءِ، وَهُوَ مِنْ أَقْسَطَ إِذَا عَدَلَ، وَقُرِئَ شَاذًّا بِفَتْحِهَا، وَهُوَ مِنْ قَسَطَ إِذَا جَارَ، وَتَكُونُ لَا زَائِدَةً. (مَا طَابَ) : «مَا» هُنَا بِمَعْنَى مَنْ، وَلَهَا نَظَائِرُ فِي الْقُرْآنِ سَتَمُرُّ بِكَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.

وَقِيلَ: مَا تَكُونُ لِصِفَاتِ مَنْ يَعْقِلُ، وَهِيَ هُنَا كَذَلِكَ؛ لِأَنَّ مَا طَابَ يَدُلُّ عَلَى الطَّيِّبِ مِنْهُنَّ.

وَقِيلَ: هِيَ نَكِرَةٌ مَوْصُوفَةٌ؛ تَقْدِيرُهُ: فَانْكِحُوا جِنْسًا طَيِّبًا يَطِيبُ لَكُمْ، أَوْ عَدَدًا يَطِيبُ لَكُمْ، وَقِيلَ: هِيَ مَصْدَرِيَّةٌ، وَالْمَصْدَرُ الْمُقَدَّرُ بِهَا وَبِالْفِعْلِ مُقَدَّرٌ بِاسْمِ الْفَاعِلِ؛ أَيِ: انْكِحُوا الطَّيِّبَ. (مِنَ النِّسَاءِ) : حَالٌ مِنْ ضَمِيرِ الْفَاعِلِ فِي طَابَ. (مَثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ) : نَكِرَاتٌ لَا تَنْصَرِفُ لِلْعَدْلِ وَالْوَصْفِ وَهِيَ بَدَلٌ مِنْ مَا. وَقِيلَ: هِيَ حَالٌ مِنَ النِّسَاءِ. وَيُقْرَأُ شَاذًّا.

«وَرُبَعَ» بِغَيْرِ أَلِفٍ؛ وَوَجْهُهَا أَنَّهُ حُذِفَ الْأَلِفُ كَمَا حُذِفَتْ فِي خِيَمٍ، وَالْأَصْلُ خِيَامٌ، وَكَمَا حُذِفَتْ فِي قَوْلِهِمْ: أَمْ وَاللَّهِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>