للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَوْلُهُ تَعَالَى: (وَالَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ رِئَاءَ النَّاسِ) : «رِئَاءَ» مَفْعُولٌ مِنْ أَجْلِهِ، وَالْمَصْدَرُ مُضَافٌ إِلَى الْمَفْعُولِ، فَعَلَى هَذَا يَكُونُ قَوْلُهُ: «وَلَا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ» مَعْطُوفًا عَلَى يُنْفِقُونَ دَاخِلًا فِي الصِّلَةِ. وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مُسْتَأْنَفًا. وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ «رِئَاءَ النَّاسِ» مَصْدَرًا فِي مَوْضِعِ الْحَالِ؛ أَيْ: يُنْفِقُونَ مُرَائِينَ.

(فَسَاءَ قَرِينًا) : أَيْ: فَسَاءَ هُوَ، وَالضَّمِيرُ عَائِدٌ عَلَى مَنْ، أَوْ عَلَى الشَّيْطَانِ، وَقَرِينًا تَمْيِيزٌ، وَسَاءَ هُنَا مَنْقُولَةٌ إِلَى بَابِ نِعْمَ وَبِئْسَ، فَفَاعِلُهَا وَالْمَخْصُوصُ بَعْدَهَا بِالذَّمِّ مِثْلُ فَاعِلِ بِئْسَ وَمَخْصُوصِهَا؛ وَالتَّقْدِيرُ: فَسَاءَ الشَّيْطَانُ وَالْقَرِينُ.

فَأَمَّا قَوْلُهُ: (وَالَّذِينَ يُنْفِقُونَ) : فَفِي مَوْضِعِهِ ثَلَاثَةُ أَوْجُهٍ: أَحَدُهَا: هُوَ جَرٌّ عَطْفًا عَلَى الْكَافِرِينَ فِي قَوْلِهِ: (وَأَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ) . وَالثَّانِي: نَصْبٌ عَلَى مَا انْتَصَبَ عَلَيْهِ الَّذِينَ يَبْخَلُونَ. وَالثَّالِثُ: رَفْعٌ عَلَى مَا ارْتَفَعَ عَلَيْهِ الَّذِينَ يَبْخَلُونَ، وَقَدْ ذُكِرَا، فَأَمَّا «رِئَاءَ النَّاسِ» فَقَدْ ذَكَرْنَا أَنَّهُ مَفْعُولٌ لَهُ أَوْ حَالٌ مِنْ فَاعِلِ يُنْفِقُونَ. وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ حَالًا مِنَ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ؛ أَيِ الْمَوْصُولِ؛ فَعَلَى هَذَا يَكُونُ قَوْلُهُ: «وَلَا يُؤْمِنُونَ» مُسْتَأْنَفًا لِئَلَّا يُفْرَقَ بَيْنَ بَعْضِ الصِّلَةِ وَبَعْضٍ بِحَالِ الْمَوْصُولِ.

قَالَ تَعَالَى {وماذا عَلَيْهِم لَو آمنُوا بِاللَّه وَالْيَوْم الآخر وأنفقوا من مَا رزقهم الله وَكَانَ الله بهم عليما}

قَوْلُهُ تَعَالَى: (وَمَاذَا عَلَيْهِمْ) : فِيهِ وَجْهَانِ: أَحَدُهُمَا: «مَا» مُبْتَدَأٌ، وَ «ذَا» بِمَعْنَى الَّذِي، وَعَلَيْهِمْ صِلَتُهَا، وَالَّذِي وَصِلَتُهَا خَبَرُ مَا.

وَأَجَازَ قَوْمٌ أَنْ تَكُونَ الَّذِي وَصِلَتُهَا مُبْتَدَأً، وَمَا خَبَرًا مُقَدَّمًا، وَقُدِّمَ الْخَبَرُ؛ لِأَنَّهُ اسْتِفْهَامٌ.

<<  <  ج: ص:  >  >>