للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَالَ تَعَالَى: (وَكَتَبْنَا عَلَيْهِمْ فِيهَا أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ وَالْعَيْنَ بِالْعَيْنِ وَالْأَنْفَ بِالْأَنْفِ وَالْأُذُنَ بِالْأُذُنِ وَالسِّنَّ بِالسِّنِّ وَالْجُرُوحَ قِصَاصٌ فَمَنْ تَصَدَّقَ بِهِ فَهُوَ كَفَّارَةٌ لَهُ وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ) (٤٥) .

قَوْلُهُ تَعَالَى: (النَّفْسَ بِالنَّفْسِ) : بِالنَّفْسِ فِي مَوْضِعِ رَفْعِ خَبَرِ أَنَّ، وَفِيهِ ضَمِيرٌ. وَأَمَّا «الْعَيْنَ» إِلَى قَوْلِهِ تَعَالَى: (وَالسِّنَّ) : فَيُقْرَأُ بِالنَّصْبِ عَطْفًا عَلَى مَا عَمِلَتْ فِيهِ أَنَّ، وَبِالرَّفْعِ، وَفِيهِ ثَلَاثَةُ أَوْجُهٍ: أَحَدُهَا: هُوَ مُبْتَدَأٌ، وَالْمَجْرُورُ خَبَرُهُ، وَقَدْ عَطَفَ جُمَلًا عَلَى جُمْلَةٍ. وَالثَّانِي: أَنَّ الْمَرْفُوعَ مِنْهَا مَعْطُوفٌ عَلَى الضَّمِيرِ فِي قَوْلِهِ بِالنَّفْسِ، وَالْمُجَرُورَاتُ عَلَى هَذَا أَحْوَالٌ مُبَيِّنَةٌ لِلْمَعْنَى؛ لِأَنَّ الْمَرْفُوعَ عَلَى هَذَا فَاعِلٌ لِلْجَارِّ، وَجَازَ الْعَطْفُ مِنْ غَيْرِ تَوْكِيدٍ كَقَوْلِهِ تَعَالَى: (مَا أَشْرَكْنَا وَلَا آبَاؤُنَا) [الْأَنْعَامِ: ١٤٨] . وَالثَّالِثُ: أَنَّهَا مَعْطُوفَةٌ عَلَى الْمَعْنَى؛ لِأَنَّ مَعْنَى «كَتَبْنَا عَلَيْهِمْ» : قُلْنَا لَهُمُ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ.

وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مَعْطُوفًا عَلَى «أَنَّ» وَمَا عَمِلَتْ فِيهِ؛ لِأَنَّهَا وَمَا عَمِلَتْ فِيهِ فِي مَوْضِعِ نَصْبٍ.

وَأَمَّا قَوْلُهُ: «وَالْجُرُوحَ» فَيُقْرَأُ بِالنَّصْبِ حَمْلًا عَلَى «النَّفْسَ» وَبِالرَّفْعِ وَفِيهِ الْأَوْجُهُ الثَّلَاثَةُ.

وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مُسْتَأْنَفًا؛ أَيْ: وَالْجُرُوحُ قِصَاصٌ فِي شَرِيعَةِ مُحَمَّدٍ. وَالْهَاءُ فِي «بِهِ» لِلْقِصَاصِ.

وَ (فَهُوَ) : كِنَايَةٌ عَنِ التَّصَدُّقِ، وَالْهَاءُ فِي «لَهُ» لِلْمُتَصَدِّقِ.

قَالَ تَعَالَى: (وَقَفَّيْنَا عَلَى آثَارِهِمْ بِعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ التَّوْرَاةِ وَآتَيْنَاهُ الْإِنْجِيلَ فِيهِ هُدًى وَنُورٌ وَمُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ التَّوْرَاةِ وَهُدًى وَمَوْعِظَةً لِلْمُتَّقِينَ) (٤٦) .

قَوْلُهُ تَعَالَى: (مُصَدِّقًا) الْأُولَى حَالٌ مِنْ عِيسَى.

<<  <  ج: ص:  >  >>