للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَالَ تَعَالَى: (وَإِذَا نَادَيْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ اتَّخَذُوهَا هُزُوًا وَلَعِبًا ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَا يَعْقِلُونَ) (٥٨) .

قَوْلُهُ تَعَالَى: (ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ) : ذَلِكَ مُبْتَدَأٌ، وَمَا بَعْدَهُ الْخَبَرُ؛ أَيْ: ذَلِكَ بِسَبَبِ جَهْلِهِمْ؛ أَيْ: وَاقِعٌ بِسَبَبِ جَهْلِهِمْ.

قَالَ تَعَالَى: (قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ هَلْ تَنْقِمُونَ مِنَّا إِلَّا أَنْ آمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْنَا وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلُ وَأَنَّ أَكْثَرَكُمْ فَاسِقُونَ) (٥٩) .

قَوْلُهُ تَعَالَى: (هَلْ تَنْقِمُونَ) : يُقْرَأُ بِإِظْهَارِ اللَّامِ عَلَى الْأَصْلِ، وَبِإِدْغَامِهَا فِي التَّاءِ؛ لِقُرْبِهَا مِنْهَا فِي الْمَخْرَجِ، وَيُقْرَأُ «تَنْقِمُونَ» بِكَسْرِ الْقَافِ وَفَتْحِهَا، وَهُوَ مَبْنِيٌّ عَلَى الْمَاضِي، وَفِيهِ لُغَتَانِ: نَقِمَ يَنْقَمُ وَنَقَمَ يَنْقِمُ. وَ (مِنَّا) : مَفْعُولُ تَنْقِمُونَ الثَّانِي، وَمَا بَعْدَ إِلَّا هُوَ الْمَفْعُولُ الْأَوَّلُ، وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مِنَّا حَالًا مِنْ أَنْ وَالْفِعْلِ؛ لِأَمْرَيْنِ: أَحَدُهُمَا: تَقَدُّمُ الْحَالِ عَلَى إِلَّا. وَالثَّانِي: تَقَدُّمُ الصِّلَةِ عَلَى الْمَوْصُولِ؛ وَالتَّقْدِيرُ: هَلْ تَكْرَهُونَ مِنَّا إِلَّا إِيمَانَنَا.

وَأَمَّا قَوْلُهُ: «وَأَنَّ أَكْثَرَكُمْ فَاسِقُونَ» فَفِي مَوْضِعِهِ وَجْهَانِ:

أَحَدُهُمَا: أَنَّهُ مَعْطُوفٌ عَلَى أَنْ آمَنَّا، وَالْمَعْنَى عَلَى هَذَا إِنَّكُمْ كَرِهْتُمْ إِيمَانَنَا وَامْتِنَاعَكُمْ؛ أَيْ: كَرِهْتُمْ مُخَالَفَتَنَا إِيَّاكُمْ، وَهَذَا كَقَوْلِكَ لِلرَّجُلِ مَا كَرِهْتَ مِنِّي إِلَّا أَنَّنِي مُحَبَّبٌ إِلَى النَّاسِ، وَأَنْتَ مُبَغَّضٌ، وَإِنْ كَانَ قد لَا يعْتَرف بِأَنَّهُ مبغض

وَالْوَجْه الثانى أَنه مَعْطُوف على مَا وَالتَّقْدِير إِلَّا أَنْ آمَنَّا بِاللَّهِ، وَبِأَنَّ أَكْثَرَكُمْ فَاسِقُونَ.

<<  <  ج: ص:  >  >>