للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَالَ تَعَالَى: (إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَعَنِ الصَّلَاةِ فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ) (٩١) .

قَوْلُهُ تَعَالَى: (فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ) : «فِي» مُتَعَلِّقَةٌ بِـ «يُوقِعَ» ، وَهِيَ بِمَعْنَى السَّبَبِ؛ أَيْ: بِسَبَبِ شُرْبِ الْخَمْرِ وَفِعْلِ الْمَيْسِرِ

وَيَجُوزُ أَنْ تَتَعَلَّقَ فِي بِالْعَدَاوَةِ، أَوْ بِالْبَغْضَاءِ؛ أَيْ: أَنْ تَتَعَادَوْا وَأَنْ تَتَبَاغَضُوا بِسَبَبِ الشُّرْبِ، وَهُوَ عَلَى هَذَا مَصْدَرٌ بِالْأَلِفِ وَاللَّامِ مُعْمِلٌ، وَالْهَمْزَةُ فِي الْبَغْضَاءِ لِلتَّأْنِيثِ، وَلَيْسَ مُؤَنَّثَ أَفْعَلَ؛ إِذْ لَيْسَ مُذَكَّرُ الْبَغْضَاءِ أَبْغَضَ، وَهُوَ مِثْلُ الْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ. (فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ) : لَفْظُهُ اسْتِفْهَامٌ، وَمَعْنَاهُ الْأَمْرُ؛ أَيِ: انْتَهُوا؛ لَكِنَّ الِاسْتِفْهَامَ عُقَيْبَ ذِكْرِ هَذِهِ الْمَعَايِبِ أَبْلَغُ مِنَ الْأَمْرِ.

قَالَ تَعَالَى: (لَيْسَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جنَاح فِيمَا طعموا إِذا مَا اتَّقوا وآمنوا وَعمِلُوا الصَّالِحَات) (٩٣) .

قَوْلُهُ تَعَالَى: (إِذَا مَا اتَّقَوْا) : الْعَامِلُ فِي إِذَا مَعْنَى: لَيْسَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جُنَاحٌ؛ أَيْ: لَا يَأْثَمُونَ إِذَا مَا اتَّقَوْا.

قَالَ تَعَالَى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَيَبْلُوَنَّكُمُ اللَّهُ بِشَيْءٍ مِنَ الصَّيْدِ تَنَالُهُ أَيْدِيكُمْ وَرِمَاحُكُمْ لِيَعْلَمَ اللَّهُ مَنْ يَخَافُهُ بِالْغَيْبِ فَمَنِ اعْتَدَى بَعْدَ ذَلِكَ فَلَهُ عَذَابٌ أَلِيمٌ) (٩٤) .

قَوْلُهُ تَعَالَى: (مِنَ الصَّيْدِ) : فِي مَوْضِعِ جَرٍّ صِفَةٌ لِشَيْءٍ، وَ «مِنَ» لِبَيَانِ الْجِنْسِ. وَقِيلَ: لِلتَّبْعِيضِ إِذْ لَا يُحَرَّمُ إِلَّا الصَّيْدُ فِي حَالِ الْإِحْرَامِ، وَفِي الْحَرَمِ وَفِي الْبَرِّ، وَالصَّيْدُ فِي الْأَصْلِ مَصْدَرٌ، وَهُوَ هَاهُنَا بِمَعْنَى الْمَصِيدِ، وَسُمِّي مَصِيدًا وَصَيْدًا، لِمَآلِهِ إِلَى ذَلِكَ، وَتَوَفُّرِ الدَّوَاعِي إِلَى صَيْدِهِ، فَكَأَنَّهُ لَمَّا أُعِدَّ لِلصَّيْدِ صَارَ كَأَنَّهُ مُصِيدٌ. (تَنَالُهُ) : صِفَةٌ لِشَيْءٍ. وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ حَالًا مِنْ شَيْءٍ؛ لِأَنَّهُ قَدْ وُصِفَ، وَأَنْ يَكُونَ حَالًا مِنَ الصَّيْدِ.

(لِيَعْلَمَ) : اللَّامُ مُتَعَلِّقَةٌ بِـ «لِيَبْلُونَّكُمْ» . (

<<  <  ج: ص:  >  >>