للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَالَ تَعَالَى: (وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا إِلَى مَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَإِلَى الرَّسُولِ قَالُوا حَسْبُنَا مَا وَجَدْنَا عَلَيْهِ آبَاءَنَا أَوَلَوْ كَانَ آبَاؤُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ شَيْئًا وَلَا يَهْتَدُونَ) (١٠٤) .

قَوْلُهُ تَعَالَى: (حَسْبُنَا) : هُوَ مُبْتَدَأٌ، وَهُوَ مَصْدَرٌ بِمَعْنَى اسْمِ الْفَاعِلِ، وَ «مَا وَجَدْنَا» هُوَ الْخَبَرُ، (وَمَا) : بِمَعْنَى الَّذِي، أَوْ نَكِرَةٌ مَوْصُوفَةٌ؛ وَالتَّقْدِيرُ: كَافِينَا الَّذِي وَجَدْنَاهُ، وَوَجَدْنَا هُنَا يَجُوزُ أَنْ تَكُونَ بِمَعْنَى عَلِمْنَا، فَيَكُونُ «عَلَيْهِ» الْمَفْعُولُ الثَّانِي، وَيَجُوزُ أَنْ تَكُونَ بِمَعْنَى صَادَفْنَا، فَتَتَعَدَّى إِلَى مَفْعُولٍ وَاحِدٍ بِنَفْسِهَا، وَفِي عَلَيْهِ عَلَى هَذَا وَجْهَانِ: أَحَدُهُمَا: هِيَ مُتَعَلِّقَةٌ بِالْفِعْلِ مُعَدِّيَةٌ لَهُ كَمَا تَتَعَدَّى ضَرَبْتُ زَيْدًا بِالسَّوْطِ. وَالثَّانِي: أَنْ تَكُونَ حَالًا مِنَ الْآبَاءِ، وَجَوَابُ (أَوَلَوْ كَانَ) مَحْذُوفٌ تَقْدِيرُهُ: أَوَلَوْ كَانُوا يَتَّبِعُونَهُمْ.

قَالَ تَعَالَى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ لَا يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ إِلَى اللَّهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعًا فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ) (١٠٥) .

قَوْلُهُ تَعَالَى: (عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ) : عَلَيْكُمْ هُوَ اسْمٌ لِلْفِعْلِ هَاهُنَا، وَبِهِ انْتَصَبَ «أَنْفُسَكُمْ» ، وَالتَّقْدِيرُ: احْفَظُوا أَنْفُسَكُمْ. وَالْكَافُ وَالْمِيمُ فِي عَلَيْكُمْ فِي مَوْضِعِ جَرٍّ؛ لِأَنَّ اسْمَ الْفِعْلِ هُوَ الْجَارُّ وَالْمَجْرُورُ، وَعَلَى وَحْدَهَا لَمْ تُسْتَعْمَلِ اسْمًا لِلْفِعْلِ، بِخِلَافِ رُوَيْدَكُمْ، فَإِنَّ الْكَافَ وَالْمِيمَ هُنَاكَ لِلْخِطَابِ فَقَطْ، وَلَا مَوْضِعَ لَهُمَا؛ لِأَنَّ رُوَيْدًا قَدِ اسْتُعْمِلَتِ اسْمًا لِلْأَمْرِ لِلْمُوَاجَهِ مِنْ غَيْرِ كَافِ الْخِطَابِ. وَهَكَذَا قَوْلُهُ: (مَكَانَكُمْ أَنْتُمْ وَشُرَكَاؤُكُمْ) : الْكَافُ وَالْمِيمُ فِي مَوْضِعِ جَرٍّ أَيْضًا، وَيُذْكَرُ فِي مَوْضِعِهِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى. (لَا يَضُرُّكُمْ) : يُقْرَأُ بِالتَّشْدِيدِ وَالضَّمِّ عَلَى أَنَّهُ مُسْتَأْنَفٌ. وَقِيلَ: حَقُّهُ الْجَزْمُ

<<  <  ج: ص:  >  >>