للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَلَقَدْ جَاءَكَ) : فَاعِلُ جَاءَكَ مُضْمَرٌ فِيهِ. قِيلَ: الْمُضْمَرُ الْمَجِيءُ، وَقِيلَ: الْمُضْمَرُ النَّبَأُ، وَدَلَّ عَلَيْهِ ذِكْرُ الرُّسُلِ؛ لِأَنَّ مِنْ ضَرُورَةِ الرَّسُولِ الرِّسَالَةَ، وَهِيَ نَبَأٌ، وَعَلَى كِلَا الْوَجْهَيْنِ يَكُونُ «مِنْ نَبَأِ الْمُرْسَلِينَ» حَالًا مِنْ ضَمِيرِ الْفَاعِلِ، وَالتَّقْدِيرُ: مِنْ جِنْسِ نَبَأِ الْمُرْسَلِينَ.

وَأَجَازَ الْأَخْفَشُ أَنْ تَكُونَ مِنْ زَائِدَةً، وَالْفَاعِلُ نَبَأُ الْمُرْسَلِينَ، وَسِيبَوَيْهِ لَا يُجِيزُ زِيَادَتَهَا فِي الْوَاجِبِ، وَلَا يَجُوزُ عِنْدَ الْجَمِيعِ أَنْ تَكُونَ مِنْ صِفَةٍ لِمَحْذُوفٍ؛ لِأَنَّ الْفَاعِلَ لَا يُحْذَفُ وَحَرْفُ الْجَرِّ إِذَا لَمْ يَكُنْ زَائِدًا لَمْ يَصِحَّ أَنْ يَكُونَ فَاعِلًا؛ لِأَنَّ حَرْفَ الْجَرِّ يُعَدِّي، وَكُلُّ فِعْلٍ يَعْمَلُ فِي الْفَاعِلِ بِغَيْرِ مُعَدٍّ، وَ (نَبَأِ الْمُرْسَلِينَ) : بِمَعْنَى إِنْبَائِهِمْ، وَيَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ قَوْلُهُ تَعَالَى: (نَقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنْبَاءِ الرُّسُلِ) [هُودٍ: ١٢٠] .

قَالَ تَعَالَى: (وَإِنْ كَانَ كَبُرَ عَلَيْكَ إِعْرَاضُهُمْ فَإِنِ اسْتَطَعْتَ أَنْ تَبْتَغِيَ نَفَقًا فِي الْأَرْضِ أَوْ سُلَّمًا فِي السَّمَاءِ فَتَأْتِيَهُمْ بِآيَةٍ وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَجَمَعَهُمْ عَلَى الْهُدَى فَلَا تَكُونَنَّ مِنَ الْجَاهِلِينَ) (٣٥) .

قَوْلُهُ تَعَالَى: (وَإِنْ كَانَ كَبُرَ عَلَيْكَ) : جَوَابُ «إِنْ» هَذِهِ (فَإِنِ اسْتَطَعْتَ) ؛ فَالشَّرْطُ الثَّانِي جَوَابُ الْأَوَّلِ، وَجَوَابُ الشَّرْطِ الثَّانِي مَحْذُوفٌ تَقْدِيرُهُ: فَافْعَلْ، وَحُذِفَ لِظُهُورِ مَعْنَاهُ وَطُولِ الْكَلَامِ. (فِي الْأَرْضِ) : صِفَةٌ لِنَفَقٍ، وَيَجُوزُ أَنْ يَتَعَلَّقَ بِتَبْتَغِي.

وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ حَالًا مِنْ ضَمِيرِ الْفَاعِلِ؛ أَيْ: وَأَنْتَ فِي الْأَرْضِ، وَمِثْلُهُ: «فِي السَّمَاءِ» .

قَالَ تَعَالَى: (إِنَّمَا يَسْتَجِيبُ الَّذِينَ يَسْمَعُونَ وَالْمَوْتَى يَبْعَثُهُمُ اللَّهُ ثُمَّ إِلَيْهِ يُرْجَعُونَ) (٣٦) .

قَوْلُهُ تَعَالَى: (وَالْمَوْتَى يَبْعَثُهُمُ اللَّهُ) : فِي الْمَوْتَى وَجْهَانِ:

<<  <  ج: ص:  >  >>