للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَالْعَلِيمُ بِمَعْنَى الْعَالِمِ. وَأَمَّا الْحَكِيمُ فَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ بِمَعْنَى الْحَاكِمِ، وَأَنْ يَكُونَ بِمَعْنَى الْمُحْكَمِ.

قَالَ تَعَالَى: (قَالَ يَا آدَمُ أَنْبِئْهُمْ بِأَسْمَائِهِمْ فَلَمَّا أَنْبَأَهُمْ بِأَسْمَائِهِمْ قَالَ أَلَمْ أَقُلْ لَكُمْ إِنِّي أَعْلَمُ غَيْبَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَأَعْلَمُ مَا تُبْدُونَ وَمَا كُنْتُمْ تَكْتُمُونَ (٣٣)) .

قَوْلُهُ تَعَالَى: (أَنْبِئْهُمْ) : يُقْرَأُ بِتَحْقِيقِ الْهَمْزَةِ عَلَى الْأَصْلِ، وَبِالْيَاءِ عَلَى تَلْيِينِ الْهَمْزَةِ، وَلَمْ يَقْلِبْهَا قَلْبًا قِيَاسًا ; لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ كَذَلِكَ لَحُذِفَتِ الْيَاءُ كَمَا تُحْذَفُ مِنْ قَوْلِكَ: أَبْقِهِمْ مِنْ بَقِيتُ.

وَقَدْ قُرِئَ أَنْبِهُمْ بِكَسْرِ الْبَاءِ مِنْ غَيْرِ هَمْزَةٍ وَيَاءٍ عَلَى أَنْ يَكُونَ إِبْدَالُ الْهَمْزَةِ يَاءً إِبْدَالًا قِيَاسِيًّا.

وَأَنْبَأَ يَتَعَدَّى بِنَفْسِهِ إِلَى مَفْعُولٍ وَاحِدٍ، وَإِلَى الثَّانِي بِحَرْفِ الْجَرِّ، وَهُوَ قَوْلُهُ: بِأَسْمَائِهِمْ وَقَدْ يَتَعَدَّى بِعَنْ ; كَقَوْلِكَ: أَنْبَأْتُهُ عَنْ حَالِ زَيْدٍ. وَأَمَّا قَوْلُهُ تَعَالَى: (قَدْ نَبَّأَنَا اللَّهُ مِنْ) [التَّوْبَةِ: ٩٤] فَيُذْكَرُ فِي مَوْضِعِهِ.

(وَأَعْلَمُ مَا تُبْدُونَ) : مُسْتَأْنَفٌ، وَلَيْسَ بِمَحْكِيٍ بِقَوْلِهِ: أَلَمْ أَقُلْ لَكُمْ، وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مَحْكِيًّا أَيْضًا، فَيَكُونُ فِي مَوْضِعِ نَصْبٍ. وَتُبْدُونَ وَزْنُهُ تُفْعُونَ، وَالْمَحْذُوفُ مِنْهُ لَامُهُ وَهِيَ وَاوٌ ; لِأَنَّهُ مِنْ بَدَا يَبْدُو.

وَالْأَصْلُ فِي الْيَاءِ الَّتِي فِي: إِنِّي أَنْ تُحَرَّكَ بِالْفَتْحِ ; لِأَنَّهَا اسْمٌ مُضْمَرٌ عَلَى حَرْفٍ وَاحِدٍ، فَتُحَرَّكُ مِثْلُ الْكَافِ فِي إِنَّكَ فَمَنْ حَرَّكَهَا أَخْرَجَهَا عَلَى الْأَصْلِ، وَمَنْ سَكَّنَهَا اسْتَثْقَلَ حَرَكَةَ الْيَاءِ بَعْدَ الْكَسْرَةِ.

قَالَ تَعَالَى: (وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ أَبَى وَاسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنَ الْكَافِرِينَ (٣٤)) .

قَوْلُهُ تَعَالَى: (لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا) : الْجُمْهُورُ عَلَى كَسْرِ التَّاءِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>