للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(كَمَا خَلَقْنَاكُمْ) : الْكَافُ فِي مَوْضِعِ الْحَالِ، وَهُوَ بَدَلٌ مِنْ فُرَادَى، وَقِيلَ: هِيَ صِفَةُ مَصْدَرٍ مَحْذُوفٍ؛ أَيْ: مَجِيئًا كَمَجِيئِكُمْ يَوْمَ خَلَقْنَاكُمْ، وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ حَالًا مِنَ الضَّمِيرِ فِي فُرَادَى؛ أَيْ: مُشْبِهِينَ ابْتِدَاءَ خَلْقِكُمْ.

وَ (أَوَّلَ) : ظَرْفٌ لَخَلَقْنَاكُمْ. وَ «الْمَرَّةُ» فِي الْأَصْلِ مَصْدَرُ مَرَّ يَمُرُّ، ثُمَّ اسْتُعْمِلَ ظَرْفًا اتِّسَاعًا، وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى قُوَّةِ شَبَهِ الزَّمَانِ بِالْفِعْلِ. (وَتَرَكْتُمْ) : يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ حَالًا؛ أَيْ: وَقَدْ تَرَكْتُمْ، وَأَنْ يَكُونَ مُسْتَأْنَفًا.

(وَمَا نَرَى) : لَفَظُهُ لَفَظُ الْمُسْتَقْبَلِ، وَهِيَ حِكَايَةُ حَالٍ. وَ (مَعَكُمْ) : مَعْمُولُ نَرَى، وَهِيَ مِنْ رُؤْيَةِ الْعَيْنِ، وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ حَالًا مِنَ الشُّفَعَاءِ، إِذِ الْمَعْنَى يَصِيرُ أَنَّ شُفَعَاءَهُمْ مَعَهُمْ، وَلَا نَرَاهُمْ.

وَإِنْ جَعَلْتَهَا بِمَعْنَى نَعْلَمُ الْمُتَعَدِّيَةِ إِلَى اثْنَيْنِ، جَازَ أَنْ يَكُونَ مَعَكُمْ مَفْعُولًا ثَانِيًا، وَهُوَ ضَعِيفٌ فِي الْمَعْنَى. (بَيْنَكُمْ) : يُقْرَأُ بِالنَّصْبِ، وَفِيهِ ثَلَاثَةُ أَوْجُهٍ: أَحَدُهَا: هُوَ ظَرْفٌ لِـ «تَقَطَّعَ» ، وَالْفَاعِلُ مُضْمَرٌ؛ أَيْ: تَقَطَّعَ الْوَصْلُ بَيْنَكُمْ، وَدَلَّ عَلَيْهِ «شُرَكَاءُ» . وَالثَّانِي: هُوَ وَصْفٌ مَحْذُوفٌ؛ أَيْ: لَقَدْ تَقَطَّعَ شَيْءٌ بَيْنَكُمْ، أَوْ وَصْلٌ.

وَالثَّالِثُ: أَنَّ هَذَا الْمَنْصُوبَ فِي مَوْضِعِ رَفْعٍ، وَهُوَ مُعَرَّبٌ، وَجَازَ ذَلِكَ حَمْلًا عَلَى أَكْثَرِ أَحْوَالِ الظَّرْفِ، وَهُوَ قَوْلُ الْأَخْفَشِ، وَمِثْلُهُ: (مِنَّا الصَّالِحُونَ وَمِنَّا دُونَ ذَلِكَ) [الْجِنِّ: ١١] .

وَيُقْرَأُ بِالرَّفْعِ عَلَى أَنَّهُ فَاعِلٌ. وَالْبَيْنُ هُنَا الْوَصْلُ، وَهُوَ مِنَ الْأَضْدَادِ.

قَالَ تَعَالَى: (إِنَّ اللَّهَ فَالِقُ الْحَبِّ وَالنَّوَى يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَمُخْرِجُ الْمَيِّتِ مِنَ الْحَيِّ ذَلِكُمُ اللَّهُ فَأَنَّى تُؤْفَكُونَ (٩٥) فَالِقُ الْإِصْبَاحِ وَجَعَلَ اللَّيْلَ سَكَنًا وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ حُسْبَانًا ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ) (٩٦) .

<<  <  ج: ص:  >  >>