للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَيُقْرَأُ بِالْفَتْحِ وَفِيهِ ثَلَاثَةُ أَوْجُهٍ: أَحَدُهَا أَنَّ «أَنَّ» بِمَعْنَى «لَعَلَّ» حَكَاهُ الْخَلِيلُ عَنِ الْعَرَبِ، وَعَلَى هَذَا يَكُونُ الْمَفْعُولُ الثَّانِي أَيْضًا مَحْذُوفًا.

وَالثَّانِي: أَنَّ «لَا» زَائِدَةٌ، فَتَكُونُ «أَنَّ» وَمَا عَمِلَتْ فِيهِ فِي مَوْضِعِ الْمَفْعُولِ الثَّانِي.

وَالثَّالِثُ: أَنَّ «أَنَّ» عَلَى بَابِهَا، وَ «لَا» غَيْرُ زَائِدَةٍ، وَالْمَعْنَى وَمَا يُدْرِيكُمْ عَدَمَ إِيمَانِهِمْ، وَهَذَا جَوَابٌ لِمَنْ حُكِمَ عَلَيْهِمْ بِالْكُفْرِ أَبَدًا، وَيُئِسَ مِنْ إِيمَانِهِمْ، وَالتَّقْدِيرُ: لَا يُؤْمِنُونَ بِهَا، فَحُذِفَ الْمَفْعُولُ.

قَالَ تَعَالَى: (وَنُقَلِّبُ أَفْئِدَتَهُمْ وَأَبْصَارَهُمْ كَمَا لَمْ يُؤْمِنُوا بِهِ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَنَذَرُهُمْ فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ) (١١٠) .

قَوْلُهُ تَعَالَى: (كَمَا لَمْ يُؤْمِنُوا) : «مَا» مَصْدَرِيَّةٌ، وَالْكَافُ نَعْتٌ لِمَصْدَرٍ مَحْذُوفٍ؛ أَيْ: تَقْلِيبًا كَكُفْرِهِمْ؛ أَيْ: عُقُوبَةً مُسَاوِيَةً لِمَعْصِيَتِهِمْ.

وَ (أَوَّلَ مَرَّةٍ) : ظَرْفُ زَمَانٍ؛ وَقَدْ ذُكِرَ. (وَنَذَرُهُمْ) : يُقْرَأُ بِالنُّونِ وَضَمِّ الرَّاءِ وَبِالْيَاءِ كَذَلِكَ، وَالْمَعْنَى مَفْهُومٌ.

وَيُقْرَأُ بِسُكُونِ الرَّاءِ وَفِيهِ وَجْهَانِ: أَحَدُهُمَا: أَنَّهُ سُكِّنَ لِثِقَلِ تَوَالِي الْحَرَكَاتِ.

وَالثَّانِي: أَنَّهُ مَجْزُومٌ عَطْفًا عَلَى يُؤْمِنُوا، وَالْمَعْنَى جَزَاءً عَلَى كُفْرِهِمْ، وَأَنَّهُ لَمْ يَذَرْهُمْ فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ بَلْ بَيَّنَ لَهُمْ.

قَالَ تَعَالَى: (وَلَوْ أَنَّنَا نَزَّلْنَا إِلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةَ وَكَلَّمَهُمُ الْمَوْتَى وَحَشَرْنَا عَلَيْهِمْ كُلَّ شَيْءٍ قُبُلًا مَا كَانُوا لِيُؤْمِنُوا إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ يَجْهَلُونَ) (١١١) .

<<  <  ج: ص:  >  >>