للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَالَ تَعَالَى: (وَاخْتَارَ مُوسَى قَوْمَهُ سَبْعِينَ رَجُلًا لِمِيقَاتِنَا فَلَمَّا أَخَذَتْهُمُ الرَّجْفَةُ قَالَ رَبِّ لَوْ شِئْتَ أَهْلَكْتَهُمْ مِنْ قَبْلُ وَإِيَّايَ أَتُهْلِكُنَا بِمَا فَعَلَ السُّفَهَاءُ مِنَّا إِنْ هِيَ إِلَّا فِتْنَتُكَ تُضِلُّ بِهَا مَنْ تَشَاءُ وَتَهْدِي مَنْ تَشَاءُ أَنْتَ وَلِيُّنَا فَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا وَأَنْتَ خَيْرُ الْغَافِرِينَ) (١٥٥) .

قَوْلُهُ تَعَالَى: (وَاخْتَارَ مُوسَى قَوْمَهُ) : اخْتِيَارٌ يَتَعَدَّى إِلَى مَفْعُولَيْنِ، أَحَدُهُمَا بِحَرْفِ الْجَرِّ، وَقَدْ حُذِفَ هَاهُنَا، وَالتَّقْدِيرُ: مِنْ قَوْمِهِ. وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ «سَبْعِينَ» بَدَلًا عِنْدَ الْأَكْثَرِينَ؛ لِأَنَّ الْمُبْدَلَ مِنْهُ فِي نِيَّةِ الطَّرْحِ، وَالِاخْتِيَارُ لَا بُدَّ لَهُ مِنْ مُخْتَارٍ، وَمُخْتَارٍ مِنْهُ، وَالْبَدَلُ يُسْقِطُ الْمُخْتَارَ مِنْهُ، وَأَرَى أَنَّ الْبَدَلَ جَائِزٌ عَلَى ضَعْفٍ، وَيَكُونُ التَّقْدِيرُ «سَبْعِينَ رَجُلًا مِنْهُمْ» . (أَتُهْلِكُنَا) : قِيلَ: هُوَ اسْتِفْهَامٌ؛ أَيْ: أَتَعُمُّنَا بِالْإِهْلَاكِ. وَقِيلَ: مَعْنَاهُ النَّفْيُ؛ أَيْ: مَا تُهْلِكُ مَنْ لَمْ يُذْنِبْ. وَ (مِنَّا) : حَالٌ مِنَ السُّفَهَاءِ. (تُضِلُّ بِهَا) : يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مُسْتَأْنَفًا، وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ حَالًا مِنَ الْكَافِ فِي فِتْنَتِكَ، إِذْ لَيْسَ هُنَا مَا يَصْلُحُ أَنْ يَعْمَلَ فِي الْحَالِ.

قَالَ تَعَالَى: (وَاكْتُبْ لَنَا فِي هَذِهِ الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ إِنَّا هُدْنَا إِلَيْكَ قَالَ عَذَابِي أُصِيبُ بِهِ مَنْ أَشَاءُ وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ فَسَأَكْتُبُهَا لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَالَّذِينَ هُمْ بِآيَاتِنَا يُؤْمِنُونَ) (١٥٦) .

قَوْلُهُ تَعَالَى: (هُدْنَا) : الْمَشْهُورُ ضَمُّ الْهَاءِ، وَهُوَ مِنْ هَادَ يَهُودُ إِذَا تَابَ، وَقُرِئَ بِكَسْرِهَا، وَهُوَ مِنْ هَادَ يَهِيدُ إِذَا تَحَرَّكَ أَوْ حَرَّكَ؛ أَيْ: حَرَّكْنَا إِلَيْكَ نُفُوسَنَا. (مَنْ أَشَاءُ) : الْمَهْشُورُ فِي الْقِرَاءَةِ الشِّينُ، وَقُرِئَ بِالسِّينِ وَالْفَتْحِ، وَهُوَ فِعْلٌ مَاضٍ؛ أَيْ: أُعَاقِبُ الْمُسِيءَ.

قَالَ تَعَالَى: (الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِنْدَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالْأَغْلَالَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ فَالَّذِينَ آمَنُوا بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنْزِلَ مَعَهُ أُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ) (١٥٧) .

<<  <  ج: ص:  >  >>