للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَلِأَنَّ الرَّسُولَ قَائِمٌ مَقَامَ اللَّهِ؛ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: (إِنَّ الَّذِينَ يُبَايِعُونَكَ إِنَّمَا يُبَايِعُونَ اللَّهَ) [الْفَتْحِ: ١٠] ، وَقِيلَ: أُفْرِدَ الضَّمِيرُ وَهُوَ فِي مَوْضِعِ التَّثْنِيَةِ، وَقِيلَ: التَّقْدِيرُ: أَنْ تُرْضُوهُ أَحَقُّ، وَقَدْ ذَكَرْنَاهُ فِي قَوْلِهِ: (فَاللَّهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشَوْهُ) [التَّوْبَةِ: ١٣] . وَقِيلَ: التَّقْدِيرُ: أَحَقُّ بِالْإِرْضَاءِ.

قَالَ تَعَالَى: (أَلَمْ يَعْلَمُوا أَنَّهُ مَنْ يُحَادِدِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَأَنَّ لَهُ نَارَ جَهَنَّمَ خَالِدًا فِيهَا ذَلِكَ الْخِزْيُ الْعَظِيمُ) (٦٣) .

قَوْلُهُ تَعَالَى: (أَلَمْ يَعْلَمُوا) : يَجُوزُ أَنْ تَكُونَ الْمُتَعَدِّيَةَ إِلَى مَفْعُولَيْنِ، وَتَكُونَ «أَنَّهُ» وَخَبَرُهَا سَدَّ مَسَدَّ الْمَفْعُولَيْنِ.

وَيَجُوزُ أَنْ تَكُونَ الْمُتَعَدِّيَةَ إِلَى وَاحِدٍ. وَ «مِنْ» شَرْطِيَّةٌ مَوْضِعُ مُبْتَدَأٍ، وَالْفَاءُ جَوَابُ الشَّرْطِ؛ فَأَمَّا «أَنَّ» الثَّانِيَةُ فَالْمَشْهُورُ فَتْحُهَا، وَفِيهَا أَوْجُهٌ: أَحَدُهَا: أَنَّهَا بَدَلٌ مِنَ الْأُولَى، وَهَذَا ضَعِيفٌ لِوَجْهَيْنِ: أَحَدُهُمَا: أَنَّ الْفَاءَ الَّتِي مَعَهَا تَمَنَعُ مِنْ ذَلِكَ، وَالْحُكْمُ بِزِيَادَتِهَا ضَعِيفٌ. وَالثَّانِي: أَنَّ جَعْلَهَا بَدَلًا يُوجِبُ سُقُوطَ جَوَابِ «مَنْ» مِنَ الْكَلَامِ. وَالْوَجْهُ الثَّانِي: أَنَّهَا كُرِّرَتْ تَوْكِيدًا؛ كَقَوْلِهِ تَعَالَى: (ثُمَّ إِنَّ رَبَّكَ لِلَّذِينَ عَمِلُوا السُّوءَ بِجَهَالَةٍ) [النَّحْلِ: ١١٩] ثُمَّ قَالَ: «إِنَّ رَبَّكَ مِنْ بَعْدِهَا» ، وَالْفَاءُ عَلَى هَذَا جَوَابُ الشَّرْطِ. وَالثَّالِثُ: أَنَّ «أَنَّ» هَاهُنَا مُبْتَدَأٌ، وَالْخَبَرُ مَحْذُوفٌ؛ أَيْ: فَلَهُمْ أَنَّ لَهُمْ. وَالرَّابِعُ: أَنْ تَكُونَ خَبَرَ مُبْتَدَأٍ مَحْذُوفٍ؛ أَيْ فَجَزَاؤُهُمْ أَنَّ لَهُمْ، أَوْ فَالْوَاجِبُ لَهُمْ، وَيُقْرَأُ بِالْكَسْرِ عَلَى الِاسْتِئْنَافِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>