للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَالَ تَعَالَى: (إِذْ قَالَ يُوسُفُ لِأَبِيهِ يَا أَبَتِ إِنِّي رَأَيْتُ أَحَدَ عَشَرَ كَوْكَبًا وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ رَأَيْتُهُمْ لِي سَاجِدِينَ (٤)) .

قَوْلُهُ تَعَالَى: (إِذْ قَالَ) : أَيِ اذْكُرْ إِذْ. وَفِي (يُوسُفُ) سِتُّ لُغَاتٍ: ضَمُّ السِّينِ، وَفَتْحُهَا، وَكَسْرُهَا بِغَيْرِ هَمْزٍ فِيهِنَّ، وَبِالْهَمْزِ فِيهِنَّ، وَمِثْلُهُ يُونُسُ.

(يَا أَبَتِ) : يُقْرَأُ بِكَسْرِ التَّاءِ، وَالتَّاءُ فِيهِ زَائِدَةٌ عِوَضًا مِنْ يَاءِ الْمُتَكَلِّمِ، وَهَذَا فِي النِّدَاءِ خَاصَّةً، وَكُسِرَتِ التَّاءُ لِتَدُلَّ عَلَى الْيَاءِ الْمَحْذُوفَةِ ; وَلَا يُجْمَعُ بَيْنَهُمَا، لِئَلَّا يُجْمَعَ بَيْنَ الْعِوَضِ وَالْمُعَوَّضِ.

وَيُقْرَأُ بِفَتْحِهَا، وَفِيهِ ثَلَاثَةُ أَوْجُهٍ ; أَحَدُهَا: أَنَّهُ حَذَفَ التَّاءَ الَّتِي هِيَ عِوَضٌ مِنَ الْيَاءِ، كَمَا تُحْذَفُ تَاءُ طَلْحَةَ فِي التَّرْخِيمِ، وَزِيدَتْ بَدَلَهَا تَاءٌ أُخْرَى وَحُرِّكَتْ بِحَرَكَةِ مَا قَبْلَهَا، كَمَا قَالُوا: يَا طَلْحَةَ أَقْبِلْ، بِالْفَتْحِ. وَالثَّانِي: أَنَّهُ أَبْدَلَ مِنَ الْكَسْرَةِ فَتْحَةً كَمَا يُبْدَلُ مِنَ الْيَاءِ أَلِفٌ. وَالثَّالِثُ: أَنَّهُ أَرَادَ يَا «أَبَتَا» كَمَا جَاءَ فِي الشِّعْرِ:

يَا أَبَتَا عَلَّكَ أَوْ عَسَاكَا

فَحُذِفَتِ الْأَلِفُ تَخْفِيفًا.

وَقَدْ أَجَازَ بَعْضُهُمْ ضَمَّ التَّاءِ لِشَبَهِهَا بِتَاءِ التَّأْنِيثِ.

فَأَمَّا الْوَقْفُ عَلَى هَذَا الِاسْمِ فَبِالتَّاءِ عِنْدَ قَوْمٍ ; لِأَنَّهَا لَيْسَتْ لِلتَّأْنِيثِ، فَيَبْقَى لَفْظُهَا دَلِيلًا عَلَى الْمَحْذُوفِ. وَبِالْهَاءِ عِنْدَ آخَرِينَ شَبَّهُوهَا بِهَاءِ التَّأْنِيثِ. وَقِيلَ: الْهَاءُ بَدَلٌ مِنَ الْأَلِفِ الْمُبْدَلَةِ مِنَ الْيَاءِ. وَقِيلَ: هِيَ زَائِدَةٌ لِبَيَانِ الْحَرَكَةِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>