للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَحَدُهُمَا: أَنَّهُ أَشَارَ إِلَى مَا يَئُولُ حَالُهُ إِلَيْهِ، فَأَجْرَى الْمُنْتَظَرَ مَجْرَى الْوَاقِعِ، وَهُوَ مِنْ بَابِ التَّعْبِيرِ بِآخِرِ الْأَمْرِ عَنْ أَوَّلِهِ ; كَقَوْلِهِ: (أَرَانِي أَعْصِرُ خَمْرًا) [يُوسُفُ: ٣٦] . وَقَوْلُهُ تَعَالَى: (وَيُنَزِّلُ لَكُمْ مِنَ السَّمَاءِ رِزْقًا) [غَافِرٌ: ١٣] أَيْ سَبَبَ الرِّزْقِ ; وَهُوَ الْمَطَرُ.

وَالثَّانِي: أَنَّهُ إِشَارَةٌ إِلَى سُرْعَةِ نِسْيَانِهِمْ مَبْدَأَ خَلْقِهِمْ.

قَالَ تَعَالَى: (وَالْأَنْعَامَ خَلَقَهَا لَكُمْ فِيهَا دِفْءٌ وَمَنَافِعُ وَمِنْهَا تَأْكُلُونَ (٥) وَلَكُمْ فِيهَا جَمَالٌ حِينَ تُرِيحُونَ وَحِينَ تَسْرَحُونَ (٦)) .

قَوْلُهُ تَعَالَى: (وَالْأَنْعَامَ) : هُوَ مَنْصُوبٌ بِفِعْلٍ مَحْذُوفٍ، وَقَدْ حُكِيَ فِي الشَّاذِّ رَفْعُهَا. وَ (لَكُمْ) : فِيهَا وَجْهَانِ:

أَحَدُهُمَا: هِيَ مُتَعَلِّقَةٌ بِخَلَقَ ; فَيَكُونُ «فِيهَا دِفْءٌ» جُمْلَةً فِي مَوْضِعِ الْحَالِ مِنَ الضَّمِيرِ الْمَنْصُوبِ.

وَالثَّانِي: يَتَعَلَّقُ بِمَحْذُوفٍ، فَدِفْءٌ: مُبْتَدَأٌ، وَالْخَبَرُ: لَكُمْ.

وَفِي «فِيهَا» وَجْهَانِ:

أَحَدُهُمَا: هُوَ ظَرْفٌ لِلِاسْتِقْرَارِ فِي «لَكُمْ» .

وَالثَّانِي: هُوَ حَالٌ مِنْ «دِفْءٌ» . وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ «لَكُمْ» حَالًا مِنْ «دِفْءٌ» ، وَ «فِيهَا» الْخَبَرُ. وَيَجُوزُ أَنْ يَرْتَفِعَ «دِفْءٌ» بِلَكُمْ أَوْ بِفِيهَا، وَالْجُمْلَةُ كُلُّهَا حَالٌ مِنَ الضَّمِيرِ الْمَنْصُوبِ.

وَيُقْرَأُ «دِفٌ» بِضَمِّ الْفَاءِ مِنْ غَيْرِ هَمْزٍ، وَوَجْهُهُ أَنَّهُ أَلْقَى حَرَكَةَ الْهَمْزَةِ عَلَى الْفَاءِ وَحَذَفَهَا.

وَ (لَكُمْ فِيهَا دِفْءٌ) : مِثْلُ «وَلَكُمْ فِيهَا دِفْءٌ» .

<<  <  ج: ص:  >  >>