للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَقُرِئَ بِكَسْرِ الْهَمْزَةِ وَتَخْفِيفِ الْيَاءِ. وَالْوَجْهُ فِيهِ أَنَّهُ حُذِفَ إِحْدَى الْيَاءَيْنِ ; لِاسْتِثْقَالِ التَّكْرِيرِ فِي حَرْفِ الْعِلَّةِ وَقَدْ جَاءَ ذَلِكَ فِي الشِّعْرِ قَالَ الْفَرَزْدَقُ: تَنَظَّرْتُ نَصْرًا وَالسِّمَاكَيْنِ أَيْهُمَا عَلَيَّ مَعَ الْغَيْثِ اسْتَهَلَّتْ مَوَاطِرُهُ.

وَقَالُوا فِي أَمَّا: أَيْمَا، فَقَلَبُوا الْمِيمَ يَاءً كَرَاهِيَةَ التَّضْعِيفِ، وَإِيَّا عِنْدَ الْخَلِيلِ وَسِيبَوَيْهِ اسْمٌ مُضْمَرٌ ; فَأَمَّا الْكَافُ فَحَرْفُ خِطَابٍ عِنْدَ سِيبَوَيْهِ لَا مَوْضِعَ لَهَا، وَلَا تَكُونُ اسْمًا ; لِأَنَّهَا لَوْ كَانَتِ اسْمًا لَكَانَتْ إِيَّا مُضَافَةً إِلَيْهَا، وَالْمُضْمَرَاتُ لَا تُضَافُ، وَعِنْدَ الْخَلِيلِ هِيَ اسْمٌ مُضْمَرٌ أُضِيفَتْ إِيَّا إِلَيْهِ ; لِأَنَّ إِيَّا تُشْبِهُ الْمُظْهَرَ لِتَقَدُّمِهَا عَلَى الْفِعْلِ وَالْفَاعِلِ، وَلِطُولِهَا بِكَثْرَةِ حُرُوفِهَا، وَحُكِيَ عَنِ الْعَرَبِ: إِذَا بَلَغَ الرَّجُلُ السِّتِّينَ فَإِيَّاهُ وَإِيَّا الشَّوَابِّ.

وَقَالَ الْكُوفِيُّونَ: إِيَّاكَ بِكَمَالِهَا، وَهَذَا بَعِيدٌ ; لِأَنَّ هَذَا الِاسْمَ يَخْتَلِفُ آخِرُهُ بِحَسْبِ اخْتِلَافِ الْمُتَكَلِّمِ وَالْمُخَاطَبِ وَالْغَائِبِ، فَيُقَالُ إِيَّايَ وَإِيَّاكَ وَإِيَّاهُ.

وَقَالَ قَوْمٌ: الْكَافُ اسْمٌ، وَإِيَّا عِمَادٌ لَهُ وَهُوَ حَرْفٌ وَمَوْضِعُ إِيَّاكَ نَصْبٌ بِـ (نَعْبُدُ) .

فَإِنْ قِيلَ إِيَّاكَ خِطَابٌ، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ عَلَى لَفْظِ الْغَيْبَةِ، فَكَانَ الْأَشْبَهُ أَنْ يَكُونَ إِيَّاهُ.

قِيلَ: عَادَةُ الْعَرَبِ الرُّجُوعُ مِنَ الْغَيْبَةِ إِلَى الْخِطَابِ، وَمِنَ الْخِطَابِ إِلَى الْغَيْبَةِ، وَسَيَمُرُّ بِكَ مِنْ ذَلِكَ مِقْدَارٌ صَالِحٌ فِي الْقُرْآنِ.

قَوْلُهُ تَعَالَى: (نَسْتَعِينُ) الْجُمْهُورُ عَلَى فَتْحِ النُّونِ. وَقُرِئَ بِكَسْرِهَا وَهِيَ لُغَةٌ ; وَأَصْلُهُ نَسْتَعْوِنُ ; نَسْتَفْعِلُ مِنَ الْعَوْنِ ; فَاسْتُثْقِلَتِ الْكَسْرَةُ عَلَى الْوَاوِ، فَنُقِلَتْ إِلَى الْعَيْنِ، ثُمَّ قُلِبَتْ يَاءً لِسُكُونِهَا وَانْكِسَارِ مَا قَبْلَهَا.

قَالَ تَعَالَى: (اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ (٦) صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ) .

قَوْلُهُ تَعَالَى: (اهْدِنَا) لَفْظُهُ أَمْرٌ، وَالْأَمْرُ مَبْنِيٌّ عَلَى السُّكُونِ عِنْدَ الْبَصْرِيِّينَ، وَمُعْرَبٌ عِنْدَ

<<  <  ج: ص:  >  >>