للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَالَ تَعَالَى: (ثُمَّ قَسَتْ قُلُوبُكُمْ مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ فَهِيَ كَالْحِجَارَةِ أَوْ أَشَدُّ قَسْوَةً وَإِنَّ مِنَ الْحِجَارَةِ لَمَا يَتَفَجَّرُ مِنْهُ الْأَنْهَارُ وَإِنَّ مِنْهَا لَمَا يَشَّقَّقُ فَيَخْرُجُ مِنْهُ الْمَاءُ وَإِنَّ مِنْهَا لَمَا يَهْبِطُ مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ (٧٤)) .

قَوْلُهُ تَعَالَى: (فَهِيَ كَالْحِجَارَةِ) : الْكَافُ حَرْفُ جَرٍّ مُتَعَلِّقَةٌ بِمَحْذُوفٍ تَقْدِيرُهُ: فَهِيَ مُسْتَقِرَّةٌ كَالْحِجَارَةِ، وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ اسْمًا بِمَعْنَى مِثْلِ فِي مَوْضِعِ رَفْعٍ، وَلَا تَتَعَلَّقُ بِشَيْءٍ.

(أَوْ أَشَدُّ) : «أَوْ» هَاهُنَا كَأَوْ فِي قَوْلِهِ: (أَوْ كَصَيِّبٍ) [الْبَقَرَةِ: ١٩] وَأَشَدُّ مَعْطُوفٌ عَلَى الْكَافِ تَقْدِيرُهُ: أَوْ هِيَ أَشَدُّ، وَقُرِئَ بِفَتْحِ الدَّالِ عَلَى أَنَّهُ مَجْرُورٌ عَطْفًا عَلَى الْحِجَارَةِ تَقْدِيرُهُ: أَوْ كَأَشَدِّ مِنَ الْحِجَارَةِ. وَ (قَسْوَةً) : تَمْيِيزٌ، وَهِيَ مَصْدَرٌ (لَمَا يَتَفَجَّرُ) : مَا بِمَعْنَى الَّذِي فِي مَوْضِعِ نَصْبٍ اسْمُ إِنَّ وَاللَّامُ لِلتَّوْكِيدِ.

وَلَوْ قُرِئَ بِالتَّاءِ جَازَ وَلَوْ كَانَ فِي غَيْرِ الْقُرْآنِ لَجَازَ «مِنْهَا» عَلَى الْمَعْنَى (يَشَّقَّقُ) : أَصْلُهُ يَتَشَقَّقُ فَقُلِبَتِ التَّاءُ شِينًا وَأُدْغِمَتْ، وَفَاعِلُهُ ضَمِيرُ مَا.

وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ فَاعِلَهُ ضَمِيرُ الْمَاءِ لِأَنَّ: يَشَقَّقُ يَجُوزُ أَنْ يُجْعَلَ لِلْمَاءِ عَلَى الْمَعْنَى ; فَيَكُونُ مَعَكَ فِعْلَانِ، فَيَعْمَلُ الثَّانِي مِنْهُمَا فِي الْمَاءِ ; وَفَاعِلُ الْأَوَّلِ مُضْمَرٌ عَلَى شَرِيطَةِ التَّفْسِيرِ. وَعِنْدَ الْكُوفِيِّينَ يَعْمَلُ الْأَوَّلُ فَيَكُونُ فِي الثَّانِي ضَمِيرُهُ.

(مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ) : مِنْ فِي مَوْضِعِ نَصْبٍ بِـ (يَهْبِطُ) كَمَا تَقُولُ يَهْبِطُ بِخَشْيَةِ اللَّهِ.

(عَمَّا تَعْمَلُونَ) : مَا بِمَعْنَى الَّذِي وَيَجُوزُ أَنْ تَكُونَ مَصْدَرِيَّةً.

قَالَ تَعَالَى: (أَفَتَطْمَعُونَ أَنْ يُؤْمِنُوا لَكُمْ وَقَدْ كَانَ فَرِيقٌ مِنْهُمْ يَسْمَعُونَ كَلَامَ اللَّهِ ثُمَّ يُحَرِّفُونَهُ مِنْ بَعْدِ مَا عَقَلُوهُ وَهُمْ يَعْلَمُونَ (٧٥)) .

قَوْلُهُ تَعَالَى: (أَنْ يُؤْمِنُوا لَكُمْ) حَرْفُ الْجَرِّ مَحْذُوفٌ، أَيْ: فِي أَنْ يُؤْمِنُوا وَقَدْ تَقَدَّمَ ذِكْرُ مَوْضِعِ مِثْلِ هَذَا مِنَ الْإِعْرَابِ: (

<<  <  ج: ص:  >  >>