للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(وَإِنْ هُمْ) : إِنْ بِمَعْنَى مَا، وَلَكِنْ لَا تَعْمَلُ عَمَلَهَا، وَأَكْثَرُ مَا تَأْتِي بِمَعْنَاهَا إِذَا انْتَقَضَ النَّفْيُ بِإِلَّا، وَقَدْ جَاءَتْ وَلَيْسَ مَعَهَا إِلَّا، وَسَيُذْكَرُ فِي مَوْضِعِهِ، وَالتَّقْدِيرُ: وَإِنْ هُمْ إِلَّا قَوْمٌ يَظُنُّونَ.

قَالَ تَعَالَى: (فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ يَكْتُبُونَ الْكِتَابَ بِأَيْدِيهِمْ ثُمَّ يَقُولُونَ هَذَا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ لِيَشْتَرُوا بِهِ ثَمَنًا قَلِيلًا فَوَيْلٌ لَهُمْ مِمَّا كَتَبَتْ أَيْدِيهِمْ وَوَيْلٌ لَهُمْ مِمَّا يَكْسِبُونَ (٧٩)) .

قَوْلُهُ تَعَالَى: (فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ يَكْتُبُونَ) : ابْتِدَاءٌ، وَخَبَرٌ ; وَلَوْ نُصِبَ لَكَانَ لَهُ وَجْهٌ عَلَى أَنْ يَكُونَ التَّقْدِيرُ أَلْزَمَهُمُ اللَّهُ وَيْلًا وَاللَّامُ لِلتَّبْيِينِ لِأَنَّ الِاسْمَ لَمْ يُذْكَرْ قَبْلَ الْمَصْدَرِ.

وَالْوَيْلُ مَصْدَرٌ لَمْ يُسْتَعْمَلْ مِنْهُ فِعْلٌ ; لِأَنَّ فَاءَهُ وَعَيْنَهُ مُعْتَلَّتَانِ.

قَوْلُهُ تَعَالَى: (الْكِتَابَ) : مَفْعُولٌ بِهِ ; أَيِ الْمَكْتُوبَ وَيَضْعُفُ أَنْ يَكُونَ مَصْدَرًا، وَذِكْرُ الْأَيْدِي تَوْكِيدٌ، وَوَاحِدُهَا يَدٌ، وَأَصْلُهَا يَدْيٌ كَفَلْسٍ، وَهَذَا الْجَمْعُ جَمْعُ قِلَّةٍ وَأَصْلُهُ أَيْدُيٌ بِضَمِّ الدَّالِ، وَالضَّمَّةُ قَبْلَ الْيَاءِ مُسْتَثْقَلَةٌ لَا سِيَّمَا مَعَ الْيَاءِ الْمُتَحَرِّكَةِ، فَلِذَلِكَ صُيِّرَتِ الضَّمَّةُ كَسْرَةً، وَلَحِقَ بِالْمَنْقُوصِ. (لِيَشْتَرُوا) : اللَّامُ مُتَعَلِّقَةٌ بِـ (يَقُولُونَ) (مِمَّا كَتَبَتْ أَيْدِيهِمْ) : مَا بِمَعْنَى الَّذِي، أَوْ نَكِرَةٌ مَوْصُوفَةٌ أَوْ مَصْدَرِيَّةٌ وَكَذَلِكَ (مِمَّا يَكْسِبُونَ) .

قَالَ تَعَالَى: (وَقَالُوا لَنْ تَمَسَّنَا النَّارُ إِلَّا أَيَّامًا مَعْدُودَةً قُلْ أَتَّخَذْتُمْ عِنْدَ اللَّهِ عَهْدًا فَلَنْ يُخْلِفَ اللَّهُ عَهْدَهُ أَمْ تَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ (٨٠)) .

قَوْلُهُ تَعَالَى: (إِلَّا أَيَّامًا) : مَنْصُوبٌ عَلَى الظَّرْفِ، وَلَيْسَ لِإِلَّا فِيهِ عَمَلٌ ; لِأَنَّ الْفِعْلَ لَمْ يَتَعَدَّ إِلَى ظَرْفٍ قَبْلَ هَذَا الظَّرْفِ،

<<  <  ج: ص:  >  >>