للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

سُورَةُ مَرْيَمَ

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

قَالَ تَعَالَى: (كهيعص (١)) .

قَدْ ذَكَرْنَا الْكَلَامَ عَلَى الْحُرُوفِ الْمُقَطَّعَةِ فِي أَوَّلِ الْبَقَرَةِ فَلْيُتَأَمَّلْ مِنْ ثَمَّ.

قَوْلُهُ تَعَالَى: (عص) : يُقْرَأُ بِإِخْفَاءِ النُّونِ عِنْدَ الصَّادِ لِمُقَارَبَتِهَا إِيَّاهَا وَاشْتِرَاكِهِمَا فِي الْفَهْمِ.

وَيُقْرَأُ بِإِظْهَارِهَا ; لِأَنَّ الْحُرُوفَ الْمُقَطَّعَةَ يُقْصَدُ تَمْيِيزُ بَعْضِهَا عَنْ بَعْضٍ إِيذَانًا بِأَنَّهَا مُقَطَّعَةٌ ; وَلِذَلِكَ وَقَفَ بَعْضُهُمْ عَلَى كُلِّ حَرْفٍ مِنْهَا وَقْفَةً يَسِيرَةً، وَإِظْهَارُ النُّونِ يُؤْذِنُ بِذَلِكَ.

قَالَ تَعَالَى: (ذِكْرُ رَحْمَةِ رَبِّكَ عَبْدَهُ زَكَرِيَّا (٢) إِذْ نَادَى رَبَّهُ نِدَاءً خَفِيًّا (٣)) .

قَوْلُهُ تَعَالَى: (ذِكْرُ رَحْمَةِ رَبِّكَ) : فِي ارْتِفَاعِهِ ثَلَاثَةُ أَوْجُهٍ ; أَحَدُهَا: هُوَ خَبَرُ مُبْتَدَأٍ مَحْذُوفٍ ; أَيْ هَذَا ذِكْرٌ. وَالثَّانِي: هُوَ مُبْتَدَأٌ وَالْخَبَرُ مَحْذُوفٌ ; أَيْ فِيمَا يُتْلَى عَلَيْكَ ذِكْرٌ. وَالثَّالِثُ: هُوَ خَبَرُ الْحُرُوفِ الْمُقَطَّعَةِ، ذَكَرَهُ الْفَرَّاءُ، وَفِيهِ بُعْدٌ ; لِأَنَّ الْخَبَرَ هُوَ الْمُبْتَدَأُ فِي الْمَعْنَى ; وَلَيْسَ فِي الْحُرُوفِ الْمُقَطَّعَةِ ذِكْرُ الرَّحْمَةِ، وَلَا فِي ذِكْرِ الرَّحْمَةِ مَعْنَاهَا.

وَ (ذِكْرُ) : مَصْدَرٌ مُضَافٌ إِلَى الْمَفْعُولِ، وَالتَّقْدِيرُ: هَذَا إِنْ ذَكَرَ رَبُّكَ رَحْمَةَ عَبْدِهِ.

وَقِيلَ: هُوَ مُضَافٌ إِلَى الْفَاعِلِ عَلَى الِاتِّسَاعِ. وَالْمَعْنَى: هَذَا إِنْ ذَكَرْتَ رَحْمَةَ رَبِّكَ ; فَعَلَى الْأَوَّلِ يَنْتَصِبُ عَبْدَهُ بِرَحْمَةٍ، وَعَلَى الثَّانِي بِذِكْرٍ.

وَيُقْرَأُ فِي الشَّاذِّ: «ذَكَرَ» عَلَى الْفِعْلِ الْمَاضِي، وَ «رَحْمَةَ» مَفْعُولٌ، وَ «عَبْدُهُ» فَاعِلٌ.

وَ (زَكَرِيَّا) : بَدَلٌ عَلَى الْوَجْهَيْنِ مِنْ «عَبْدَهُ» .

<<  <  ج: ص:  >  >>