للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَالَ تَعَالَى: (فَقَالُوا أَنُؤْمِنُ لِبَشَرَيْنِ مِثْلِنَا وَقَوْمُهُمَا لَنَا عَابِدُونَ (٤٧)) .

قَوْلُهُ تَعَالَى: (مِثْلِنَا) : إِنَّمَا لَمْ يُثَنَّ لِأَنَّ «مِثْلًا» فِي حُكْمِ الْمَصْدَرِ، وَقَدْ جَاءَتْ تَثْنِيَتُهُ وَجَمْعُهُ فِي قَوْلِهِ: (يَرَوْنَهُمْ مِثْلَيْهِمْ) [آلِ عِمْرَانَ: ١٣] وَفِي قَوْلِهِ تَعَالَى: (ثُمَّ لَا يَكُونُوا أَمْثَالَكُمْ) [مُحَمَّدٍ: ٣٨] .

وَقِيلَ: إِنَّمَا وَحَّدَ لِأَنَّ الْمُرَادَ الْمُمَاثِلَةُ فِي الْبَشَرِيَّةِ، وَلَيْسَ الْمُرَادُ الْكَمِّيَّةَ.

وَقِيلَ: اكْتَفَى بِالْوَاحِدِ عَنِ الِاثْنَيْنِ.

قَالَ تَعَالَى: (وَجَعَلْنَا ابْنَ مَرْيَمَ وَأُمَّهُ آيَةً وَآوَيْنَاهُمَا إِلَى رَبْوَةٍ ذَاتِ قَرَارٍ وَمَعِينٍ (٥٠)) .

قَوْلُهُ تَعَالَى: (وَأُمَّهُ آيَةً) : قَدْ ذُكِرَ فِي الْأَنْبِيَاءِ.

قَوْلُهُ تَعَالَى: (وَمَعِينٍ) : فِيهِ وَجْهَانِ ; أَحَدُهُمَا: هُوَ فَعِيلٌ مِنَ الْمَعْنِ، وَهُوَ الشَّيْءُ الْقَلِيلُ، وَمِنْهُ الْمَاعُونُ. وَقِيلَ: الْمَاعُونُ: الْمَاءُ، فَالْمِيمُ أَصْلٌ. وَالثَّانِي: الْمِيمُ زَائِدَةٌ، وَهُوَ مِنْ عِنْتُهُ إِذَا أَبْصَرْتَهُ بِعَيْنِكَ، وَأَصْلُهُ مَعْيُونٌ.

قَالَ تَعَالَى: (وَإِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاتَّقُونِ (٥٢) فَتَقَطَّعُوا أَمْرَهُمْ بَيْنَهُمْ زُبُرًا كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ (٥٣))

قَوْلُهُ تَعَالَى: (وَإِنَّ هَذِهِ) : يُقْرَأُ بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ. وَفِيهِ ثَلَاثَةُ أَوْجُهٍ ; أَحَدُهَا: تَقْدِيرُهُ: وَلِأَنَّ، وَاللَّامُ الْمُقَدَّرَةُ تَتَعَلَّقُ بِـ «فَاتَّقُونِ» أَيْ فَاتَّقُونِ لِأَنَّ هَذِهِ. . . . وَمَوْضِعُ أَنَّ نَصْبٌ، أَوْ جَرٌّ عَلَى مَا حَكَيْنَا مِنَ الِاخْتِلَافِ فِي غَيْرِ مَوْضِعٍ. وَالثَّانِي: أَنَّهُ مَعْطُوفٌ عَلَى مَا قَبْلَهُ، تَقْدِيرُهُ: إِنِّي بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ وَبِأَنَّ هَذِهِ. وَالثَّالِثُ: أَنَّ فِي الْكَلَامِ حَذْفًا ; أَيْ وَاعْلَمُوا أَنَّ هَذِهِ.

وَيُقْرَأُ بِتَخْفِيفِ النُّونِ، وَهِيَ مُخَفَّفَةٌ مِنَ الثَّقِيلَةِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>