للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

سُورَةُ الشُّعَرَاءِ

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

قَالَ تَعَالَى: (طسم (١) تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ الْمُبِينِ (٢) لَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَفْسَكَ أَلَّا يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ (٣)) (طسم) : مِثْلُ الم، وَقَدْ ذُكِرَ فِي أَوَّلِ الْبَقَرَةِ. (تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ) : مِثْلُ: ذَلِكَ الْكِتَابُ. وَ (أَنْ لَا يَكُونُوا) : مَفْعُولٌ لَهُ؛ أَيْ لِئَلَّا؛ أَوْ مَخَافَةَ أَنْ لَا.

قَالَ تَعَالَى: (إِنْ نَشَأْ نُنَزِّلْ عَلَيْهِمْ مِنَ السَّمَاءِ آيَةً فَظَلَّتْ أَعْنَاقُهُمْ لَهَا خَاضِعِينَ (٤)) .

قَوْلُهُ تَعَالَى: (فَظَلَّتْ) : أَيْ فَتَظَلُّ، وَمَوْضِعُهُ جَزْمٌ عَطْفًا عَلَى جَوَابِ الشَّرْطِ؛ وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ رَفْعًا عَلَى الِاسْتِئْنَافِ.

قَوْلُهُ تَعَالَى: (خَاضِعِينَ) : إِنَّمَا جُمِعُ الْمُذَكَّرُ لِأَرْبَعَةِ أَوْجُهٍ؛ أَحَدُهَا: أَنَّ الْمُرَادَ بِالْأَعْنَاقِ عُظَمَاؤُهُمْ. وَالثَّانِي: أَنَّهُ أَرَادَ أَصْحَابَ أَعْنَاقِهِمْ. وَالثَّالِثُ: أَنَّهُ جَمْعُ عُنُقٍ مِنَ النَّاسِ؛ وَهُمُ الْجَمَاعَةُ وَلَيْسَ الْمُرَادُ الرِّقَابَ. وَالرَّابِعُ: أَنَّهُ لَمَّا أَضَافَ الْأَعْنَاقَ إِلَى الْمُذَكَّرِ وَكَانَتْ مُتَّصِلَةً بِهِمْ فِي الْخِلْقَةِ، أَجْرَى عَلَيْهَا حُكْمَهُمْ.

وَقَالَ الْكِسَائِيُّ «خَاضِعِينَ» : هُوَ حَالٌ لِلضَّمِيرِ الْمَجْرُورِ لَا لِلْأَعْنَاقِ. وَهَذَا بَعِيدٌ فِي التَّحْقِيقِ؛ لِأَنَّ «خَاضِعِينَ» يَكُونُ جَارِيًا عَلَى غَيْرِ فَاعِلِ ظَلَّتْ، فَيَفْتَقِرُ إِلَى إِبْرَازِ ضَمِيرِ الْفَاعِلِ؛ فَكَانَ يَجِبُ أَنْ يَكُونَ: خَاضِعِينَ هُمْ.

<<  <  ج: ص:  >  >>