للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

سمعت حديثاً معناه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال (لأصحابه أتدرون مَنْ المفلس قالوا: المفلس فينا من لا درهم له قال صلى الله عليه وسلم: المفلس من ذكرت عنده فلم يصلِ عليّ) ومدرس الحديث عندما يشرح الحديث يكثر من ذكر الرسول صلى الله عليه وسلم فهل يجب علينا أن نصلى عليه في كل مرة أم تكفي المرة الأولى أفيدونا ولكم جزيل الشكر ونشكركم على هذا الاهتمام الكبير يا فضيلة الشيخ وأيدكم الله؟

فأجاب رحمه الله تعالى: أما الحديث الذي أشار إليه فلا أعرفه أما الذي أعرف أن الرسول عليه الصلاة والسلام قال (إن المفلس من يأتي يوم القيامة بحسناتٍ أمثال الجبال فيأتي وقد ظلم هذا وضرب هذا وشتم هذا وأخذ مال هذا فيأخذ هذا من حسناته وهذا من حسناته وهذا من حسناته فإن بقي من حسناته شيء وإلا أُخذ من سيئاتهم وطرح عليه ثم طرح في النار) هذا هو ما أعرفه من حديث المفلس الذي أشار إليه وأما الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم عند ذكره فإن جمهور أهل العلم يرون أنها مستحبة وليست بواجبة ومنهم من يرى أنها واجبة لحديث أبي هريرة (أن النبي صلى الله عليه وسلم صعد المنبر ذات يومٍ وقال: آمين آمين. آمين. فسُئل عن ذلك فقال: إن جبريل أتاني فقال رغم أنف امرئٍ ذُكرتَ عنده فلم يصلِ عليك قل آمين فقلت آمين) ومن المعلوم أن هذا دعاءٌ برغم أنف من ذكر عنده النبي صلى الله عليه وسلم ولم يصلِ عليه ولهذا أخذ بعض أهل العلم من هذا أنه يجب على الإنسان إذا ذكر عنده النبي صلى الله عليه وسلم أن يصلى عليه لأن الدعاء على مَنْ لم يفعل شيئاً دليلٌ على وجوب ذلك الشيء وأما بالنسبة لمن يسمع ذكر النبي صلى الله عليه وسلم فيمن يكثر قراءة الحديث في المسجد أو في المدرسة أو في المعهد فهذا إذا صلى عليه أول مرة كفى كما قال أهل العلم لمن تكرر دخوله إلى المسجد إنه إذا صلى تحية المسجد أول مرة وهو عارفٌ من نفسه أنه سيتكرر دخوله فإنه يكتفي بذلك ثم إن المدرس غالباً يقول قال النبي صلى الله عليه وسلم أو عن النبي صلى الله عليه وسلم وهذا القائل إذا قال فإنه يكون قد دعا الله أن يصلى على نبيه فوظيفة المستمع في مثل هذا أن يقول آمين، ويكون قوله آمين كقوله صلى الله عليه وسلم لأن الداعي والمؤمِّن كليهما داعيان كما قال الله تعالى عن موسى (رَبَّنَا إِنَّكَ آتَيْتَ فِرْعَوْنَ وَمَلأَهُ زِينَةً وَأَمْوَالاً فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا رَبَّنَا لِيُضِلُّوا عَنْ سَبِيلِكَ رَبَّنَا اطْمِسْ عَلَى أَمْوَالِهِمْ وَاشْدُدْ عَلَى قُلُوبِهِمْ فَلا يُؤْمِنُوا حَتَّى يَرَوْا الْعَذَابَ الأَلِيمَ) قال الله تعالى (قَدْ أُجِيبَتْ دَعْوَتُكُمَا فَاسْتَقِيمَا وَلا تَتَّبِعَانِ سَبِيلَ الَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ) فتمت دعوتكما أي الداعيين قال أهل العلم وكان موسى يدعو وهارون يؤمن فعليه إذا سمعت قائلاً يقول قال النبي صلى الله عليه وسلم فقلت آمين فكأنما قلت صلى الله عليه وسلم لأنك أمنت على دعاء المتكلم نعم إذا كان الإنسان يظن أن هذا المتكلم قال صلى الله عليه وسلم شغلاً على العادة ولم يستحضر الدعاء فحينئذٍ نقول السامع يقول صلى الله عليه وسلم ولا يؤمن إذا علم أن قول هذا المتكلم صلى الله عليه وسلم درجت على لسانه بدون قصد فكأنه لم يدع بالصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم لكن لو علم أن المتكلم إنسانٌ فطنٌ وأنه كلما قال صلى الله عليه وسلم يشعر أنه يدعو الله بأن يصلى على نبيه ويسلم فإنه يكتفي بقول آمين.

<<  <  ج: ص:  >  >>