للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[ما المراد بقول النبي صلى الله عليه وسلم عن افتراق الأمة (كلهم في النار إلا واحدة) وما هي الواحدة وهل الاثنتان والسبعون فرقة كلهم خالدون في النار؟]

فأجاب رحمه الله تعالى: أخبر النبي عليه الصلاة والسلام أن اليهود افترقوا على إحدى وسبعين فرقة والنصارى افترقوا على اثنتين وسبعين فرقة وأن هذه الأمة ستفترق على ثلاث وسبعين فرقة كلها في النار إلا واحدة وعلى الرغم من محاولة العلماء تعداد هذه الفرق فإنهم لم يصلوا إلى النتيجة إلا بتكلف والأولى أن نبهم ما أبهمه الرسول عليه الصلاة والسلام نقول ثلاث وسبعون فرقة وأما كيفية هذا الافتراق فإن ضبطه صعبٌ جداً جداً وقوله (كلها في النار إلا واحدة) يشمل ما إذا كانت الفرقة التي حصلت مخرجةً من الملة أو غير مخرجة لأن من الأعمال من توعد فاعله بالنار مع أنه لا يخرج من الإسلام مثل قوله صلى الله عليه وعلى آله وسلم (ثلاثة لا يكلمهم الله يوم القيامة ولا ينظر إليهم ولا يزكيهم ولهم عذابٌ أليم المسبل والمنان والمنفق سلعته بالحلف الكاذب) ومثل قوله تعالى (إن الذين يأكلون أموال اليتامى ظلماً إنما يأكلون في بطونهم ناراً وسيصلون سعيرا) ومثل قوله صلى الله عليه وسلم (ما أسفل الكعبين ففي النار) يعني من الإزار وأما الواحدة الناجية فقد بينها الرسول عليه الصلاة والسلام بأنها من كانت على مثل ما عليه هو وأصحابه ومن تمسك بسنة الرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعده فهو من الناجين والفرقة الناجية هي المنصورة إلى قيام الساعة سواء حصل منها قتالٌ مع ضدها أم لم يحصل لأنها منصورةٌ بظهور أمرها وسنتها وهذا ما يوحي به كلام شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله حيث قال في العقيدة الوسطية في أولها أما بعد فهذا اعتقاد الفرقة الناجية المنصورة إلى قيام الساعة أهل السنة والجماعة وعلى هذا فيجب على الإنسان أن يتحرى سنة رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه وسنة الخلفاء الراشدين والصحابة المرضيين الذين قال الله تعالى عنهم: (وَالسَّابِقُونَ الأَوَّلُونَ مِنْ الْمُهَاجِرِينَ وَالأَنصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ) .

***

<<  <  ج: ص:  >  >>