للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عبد الله العربي من مصر يقول ماصحة القول (إذا ضاقت الصدور فعليكم بزيارة القبور) هل هذا حديث عن النبي صلى الله عليه وسلم وإذا كان حديثاً فنرجو التوضيح له مأجورين؟

فأجاب رحمه الله تعالى: الظاهر أن السائل لم يضبط هذه الكلمة والذي أسمع عن هذه الكلمة أنهم يقولون إذا ضاقت الأمور فعليكم بأصحاب القبور يعني إذا ضاقت عليك الأمور فاذهب لأصحاب القبور وادعهم ليغيثوك وينجوك مما وقع بك ولا شك أن هذا الأمر شركٌ أكبر أي أن الإنسان يذهب إلى أصحاب القبور ليدعوهم لينجوه مما وقع به من البلاء لا شك أنه شركٌ أكبر يخرج الإنسان عن الإسلام موجبٌ للخلود في النار والعياذ بالله كما قال الله تعالى (إِنَّهُ مَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنصَارٍ) فالدعاء لا يكون إلا لله عز وجل قال الله تعالى (وَقَالَ رَبُّكُمْ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ) وقال تعالى (وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنْ يَدْعُو مِنْ دُونِ اللَّهِ مَنْ لا يَسْتَجِيبُ لَهُ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَهُمْ عَنْ دُعَائِهِمْ غَافِلُونَ) فدعاء أصحاب القبور لا يجدي شيئاً بل هو يضر الإنسان ويخرجه من الإسلام فإن قال قائل إنه قد حدثت وقائع تدل على انتفاع الداعي بدعوة أصحاب القبور فيدعو الإنسان صاحب القبر في إنجائه من هلكة أو في حصول مطلوبٍ له فينجو من الهلكة ويحصل المطلوب فالجواب على ذلك أن نقول إن هذا الذي حصل إثر دعاء صاحب القبر لم يحصل بدعاء صاحب القبر قطعاً وإنما حصل عنده فتنةً له أي للداعي فإن الله تعالى قد يفتن الإنسان بشيء يستمر فيه الإنسان المفتون على معصية الله والله سبحانه وتعالى حكيم وأما أن يحصل هذا الشيء أي النجاة من المكروب وحصول المطلوب بدعاء أصحاب القبور فهذا أمرٌ لا يمكن أبداً لأن الله سبحانه وتعالى أخبر بأن الذي يدعو من دون الله لا يستجيب للداعي إلى يوم القيامة وأما الكلمة التي قالها السائل إذا ضاقت عليكم الأمور فعليكم بزيارة القبور فهذا ليس بحديثٍ عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا يصح بل إن زيارة القبور تذكر الآخرة فينبغي أن يقال إذا رأيت من نفسك الغفلة عن الآخرة والانغماس في الدنيا والترف فعليك بزيارة القبور لتتعظ وتعتبر بأصحابها فإن أصحابها الذي كانوا محبوسين فيها الآن هم قرناؤك بالأمس على ظهر الأرض وربما يكونون أكثر منك غنى وأشد منك قوة وأعظم منك فتوة ومع ذلك صاروا مرتهنين محبوسين في قبورهم فالإنسان إذا زار المقبرة تذكر الآخرة ولهذا قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (زوروا القبور فإنها تذكر الآخرة) وينبغي لمن زار القبور أن يدعو لهم بالدعاء الوارد عن الرسول صلى الله عليه وسلم مثل (السلام عليكم دار قومٍ مؤمنين وإنا إن شاء الله بكم لاحقون يرحم الله المستقدمين منا ومنكم والمستأخرين نسأل الله لنا ولكم العافية اللهم لا تحرمنا أجرهم ولا تفتنا بعدهم واغفر لنا ولهم) .

***

<<  <  ج: ص:  >  >>