للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الأخت ك. م. ع. من العراق محافظة البصرة تقول توفي رجل كان يتصف بالكرم وحسن الخلق ولكنه لم يكن يصلى ولا يصوم وبعد وفاته دفع أهله مبلغ ثلاثة آلاف دينار لشخص آخر لكي يصلى عنه قضاء ما فاته من صلوات ويصوم عنه فهل يصح ذلك شرعاً وما حكم أخذ المال عن ذلك؟

فأجاب رحمه الله تعالى: هذا الرجل الذي توفي وهو لا يصلى ولا يصوم توفي والعياذ بالله على الكفر لأن القول الراجح من أقوال أهل العلم والذي تؤيده نصوص الكتاب والسنة وأقوال الصحابة رضي الله عنهم أن تارك الصلاة كافر أما جاحد الصلاة فإنه كافر ولو كان يصلى والنصوص الواردة إنما وردت في الترك لا في الجحود فلا يمكن أن نلغي هذا الوصف الذي اعتبره الشرع بأن نحمله على الجحود كما فعل بعض أهل العلم يحمل النصوص الواردة في تكفير تاركها على من تركها جحوداً فإن هذا الحمل يستلزم إلغاء الوصف الذي علق الشارع الحكم عليه واعتبار وصف آخر لم يكن مذكوراً كما أن هذا الحمل متناقض وذلك لأن الجاحد كافر ولو صلى حتى لو كان يصلى مع الجماعة ويتقدم إلى المسجد وهو يعتقد أن الصلوات الخمس غير مفروضة عليه وأن ما يفعله على سبيل التطوع فإنه كافر.

تبين بهذا أن حمل النصوص الدالة على كفر تارك الصلاة على من تركها جحوداً حملٌ غير صحيح وليس في محله وعلى هذا فيكون هذا الرجل الذي مات وهو لا يصلى كافراً يحشر يوم القيامة مع فرعون وهامان وقارون وأبي بن خلف والعياذ بالله أما ما بذلوه لهذا الرجل ليصوم عنه ويصلى عنه فإن هذا ليس بصحيح لأنه لا يصح عقد الإجارة على أي عمل من أعمال القربة فلا يصح أن يقول شخص لآخر استأجرك على أن تصلى عني أو تصوم عني وإنما اختلف العلماء في الحج وليس هذا موضع ذكره وهذا المال الذي أخذه أخذه بغير حق فالواجب عليه أن يرده إلى أهله لأنه أخذه بغير حق والصلوات التي صلاها لا تنفع هذا الميت لأنه غير مسلم وغير المسلم لا ينفعه أي عمل من الأعمال حتى عمله هو بنفسه لا ينفعه لقوله تعالى (وَمَا مَنَعَهُمْ أَنْ تُقْبَلَ مِنْهُمْ نَفَقَاتُهُمْ إِلاَّ أَنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللَّهِ وَبِرَسُولِهِ وَلا يَأْتُونَ الصَّلاةَ إِلاَّ وَهُمْ كُسَالَى وَلا يُنفِقُونَ إِلاَّ وَهُمْ كَارِهُونَ) ولقوله تعالى (وَقَدِمْنَا إِلَى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاءً مَنْثُوراً) .

فضيلة الشيخ: هذا لأنه غير مسلم فقط أم لأنه أيضاً لا يجوز الإجارة على القرب؟

فأجاب رحمه الله تعالى: ذكرنا الوجهين حتى لو كان مسلماً لا يجوز أن يؤجر من يصلي عنه أو يصوم عنه.

***

<<  <  ج: ص:  >  >>