للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هل تارك الصلاة تهاوناً وتكاسلاً يخرج من الملة أم لا يخرج وإذا كان يخرج من الملة فماذا يترتب على ذلك وهل هو مجمعٌ عليه من العلماء أم أن هناك من خالف ذلك وقال بعدم خروجه من الملة؟

فأجاب رحمه الله تعالى: القول الراجح من أقوال أهل العلم أن تارك الصلاة تهاوناً وتكاسلاً كافر كفراً مخرجاً عن الملة وقد ذكرنا من هذا المنبر أدلة ذلك في كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم وكلام الصحابة رضي الله عنهم والمعنى الصحيح المناسب للحكم وإذا قلنا بالكفر ترتب عليه أمور دنيوية وأمور أخروية أما الأمور الدنيوية فإن ولايته على أولاده وأهله تزول وترتفع وليس له ولايةٌ عليهم لأنه كافر ولن يجعل الله للكافر على المؤمنين سبيلا وكذلك لا يصح تزويجه فلا يعقد له النكاح ما دام تاركاً للصلاة وإذا تركها بعد تمام العقد فإن النكاح ينفسخ إلا أن يتوب إلى الله ويرجع للإسلام وإذا مات له أحد من أقاربه فإنه لا يرث منه لقول النبي عليه الصلاة والسلام (لا يرث المسلم الكافر ولا الكافر المسلم) يعني لو أن رجلاً لا يصلى فمات ابنه وله عم فإن ميراث الابن لعمه وليس لأبيه لأن أباه كافر حيث كان لا يصلى وعمه مسلم فيكون الميراث له وأما في الآخرة فإنه لا يجوز أن يغسل ولا يكفن ولا يصلى عليه ولا يدفن مع المسلمين وإنما يخرج به إلى البر ويحفر له حفرة يدفن فيها بدون مراسم الجنازة المعتادة للمسلمين وفي الآخرة يكون مع فرعون وهامان وقارون وأبي بن خلف أئمة الكفر والعياذ بالله كما جاء في ذلك الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم

وأما سؤال السائل وهل في ذلك خلاف أم هو مجمعٌ عليه فنقول إن المسألة فيها خلاف بين المتأخرين وأما الصحابة فظاهر ما نقله عبد الله بن شقيق أنهم مجمعون على أنه كافر لقوله أعني عبد الله بن شقيق (كان أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم لا يرون شيئاً من الأعمال تركه كفر إلا الصلاة) وقد نقل إجماع الناس على ذلك الإمام اسحاق بن راهويه المشهور المعروف لكن اختلف المتأخرون بعد هذا في تارك الصلاة ولم يأتِ أحدٌ ممن خالف بدليل وقد تأملت أدلتهم فوجدتها على أربعة أنحاء منها ما لا يدل على عدم الكفر أصلاً ومنها ما يكون مقيداً بصفة يمتنع معها أن يدع الصلاة ومنها ما يكون مقيداً بحال يعذر فيها من ترك الصلاة ومنها ما يكون عاماً مخصوصاً بالأدلة الدالة على كفر تارك الصلاة ولم يجئ في كتاب الله ولا في سنة رسوله صلى الله عليه وسلم بأن تارك الصلاة مؤمن ولا أن تارك الصلاة في الجنة ولا نحو ذلك من الأشياء التي تقتضي أن نحمل الكفر الوارد في تارك الصلاة على أن المراد به كفر النعمة.

***

<<  <  ج: ص:  >  >>