للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بعض الناس يقولون إن كل شيء من العبادات مستقل بنفسه ويبررون تركهم لبعض الفرائض وهم يقومون ببعضها الآخر بذلك فمثلاً نجد شخصاً يصلى ولا يصوم أو امرأة تصلى ولا تضع الخمار على وجهها فإن قلت لها لماذا تصلىن ولا تتحجبين فتقول كل شيء وحده والله يحاسبني على الصلاة وحدها وعلى الخمار وحده ومنهن من تقول أعرف أنه واجب ولكن الظروف لا تسمح لي فما رأيكم بذلك أليس هذا من جنس الإيمان ببعض الكتاب والكفر ببعض وهل تكون صلاة المرأة التي تخرج سافرة صلاة صحيحة مقبولة وما الحكم لو كان زوجها هو الذي يمنعها من الحجاب؟

فأجاب رحمه الله تعالى: العبادات لا شك أنها تتجزأ وأن كل عبادة مستقلة بنفسها فهذه صلاة وهذه صدقة وهذا صيام وهذا حج وهذا بر والدين ولكل منها حكم نفسه ويقبل منها كل واحد وإن كان مفرطاً في الآخر إلا عبادة واحدة وهي الصلاة فإنه إذا تركها لا تقبل منه عبادة أخرى وذلك لأن ترك الصلاة كفر مخرج عن الملة وإذا كان كفراً مخرج عن الملة فإن الكافر لا تقبل منه العبادة لقوله تعالى (وَمَا مَنَعَهُمْ أَنْ تُقْبَلَ مِنْهُمْ نَفَقَاتُهُمْ إِلاَّ أَنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللَّهِ وَبِرَسُولِهِ) لكن بالنسبة لغير الصلاة إذا ترك عبادة وفعل عبادة أخرى فإنها تقبل منه التي فعلها إذا كانت على الوجه الشرعي وإن كان متهاوناً في العبادة الثانية إلا إذا كان تركه للعبادة الثانية ترك تكذيب وجحود وهي مما يخرج عن الملة جحوده فحينئذٍ لا تقبل منه العبادات الأخرى لما ذكرناه آنفاً وأما بالنسبة للمرأة التي تصلى وهي لا تحتجب الحجاب الشرعي والحجاب الشرعي هو تغطية الوجه واليدين ومواضع الفتنة من المرأة فإن صلاتها تكون صحيحة وهي آثمة بترك الحجاب الشرعي وإذا كان زوجها يأمرها بألا تحتجب فإنه لا طاعة له ويجب عليها معصيته في طاعة الله لأنه صلى الله عليه وسلم يقول (لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق) وقال تعالى (وَاللَّهُ وَرَسُولُهُ أَحَقُّ أَنْ يُرْضُوهُ إِنْ كَانُوا مُؤْمِنِينَ) وفي هذه الحال إذا عصته فإنه لا يحل له أن يقصر في شيء من واجباتها بناءً على هذه المعصية بحجة أنها نشزت بمعصيتها إياه لأن هذا ليس من النشوز فإن معصية المرأة زوجها في طاعة الله سبحانه وتعالى ليست من النشوز في شيء بل ينبغي للمرء أن تزيد زوجته غلاءً في قلبه إذا كانت عصته في طاعة الله سبحانه وتعالى أي من أجل طاعة الله.

***

<<  <  ج: ص:  >  >>