للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[يقول السائل أشاهد بعض الناس يدخلون إلى المسجد لكي يصلوا وهم يحملون معهم السجائر في جيوبهم هل عليهم إثم في هذا وما نصيحتكم يا فضيلة الشيخ؟]

فأجاب رحمه الله تعالى: لا ليس عليهم إثم في حملهم لهذه السجائر بالنسبة للصلاة لأن حملها لا يؤثر في الصلاة حيث إن السجائر طاهرة وليست نجسة نجاسة حسية ولكن عليهم إثم بشرب هذه السجائر فإن شرب الدخان ثبت في وقتنا الحاضر أنه محرم وإن كان من قبل يختلف فيه أهل العلم فمنهم من يبيحه ومنهم من يكرهه ومنهم من يحرمه لكن بعد أن ثبت من الناحية الطبية أنه مضر وأنه سبب لحدوث أمراض مستعصية قد تؤدي إلى الهلاك بعد ثبوت هذا تبين أنه محرم لقول الله تعالى (وَلا تَقْتُلُوا أَنفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيماً) وقوله تعالى (وَلا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ) ولأن الله تعالى أمر المريض الذي يتضرر باستعمال الماء بالتيمم خوفاً من أن يستمر فيه المرض ويتضرر ولأنه قد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال (لا ضرر ولا ضرار) وثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال (إن لنفسك عليك حقاً) وثبت عنه صلى الله عليه وسلم (أنه نهى عن إضاعة المال) وثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه (نهى آكل البصل والثوم من قربان المساجد وقال إن ذلك مؤذ وإن الملائكة تتأذى مما يتأذى منه بنو آدم) وإذا نظرنا إلى التدخين وجدنا أن الدخان فيه ضرر على البدن وفيه إضاعة للمال وفيه أذية للناس في مجتمعاتهم وكل هذه أسباب تستلزم القول بتحريمه والذي أوجهه إلى إخواني المسلمين من هذا المنبر هو أن يتقوا الله عز وجل في أنفسهم وفي أموالهم وفي إخوانهم من المسلمين وأن يقلعوا عن هذه العادة التي مقتضى نصوص الكتاب والسنة تحريمها وليعلم أن قولنا هذا محرم ليس هو كلمة عابرة بل هو كلمة لها قيمتها فإن المحرم يجب على كل مسلم أن يحمي نفسه منه وأن يبتعد عنه لأن المحرمات معاصٍ لله ورسوله والمعاصي تحدث في القلب أمراضاً ربما تؤدي إلى موت القلب واستمع إلى قول الله تعالى (إِذَا تُتْلَى عَلَيْهِ آيَاتُنَا قَالَ أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ * كَلَّا بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ) فبين الله عز وجل أن ما يكتسبه الإنسان من المعاصي قد يران به على قلب العاصي حتى لا يعلم الحق وحتى يلتبس عليه الحق فهو لا ينتفع بالقرآن بل يرى أنه أساطير لا قيمة لها وإنما يتلى لإتلاف الوقت فالمعاصي خطيرة على القلب وما أحسن ما قاله كثير من أهل العلم إن الإصرار على الصغائر كبيرة من الكبائر فنصيحتي لإخواني عامة من هذا المنبر أن يتقوا الله وأن يحاولوا بقدر ما يستطيعون التخلص من هذا الشراب المضر المتلف للمال قد يقول قائل إن التخلص منه صعب ولكن أقول إن الإنسان إذا عزم على فعل الأمر مخلصاً لله واستعان بالله عز وجل وكان قوي النفس صادق العزيمة فإنه يمكنه التخلص منه وقد رأينا بعض الناس تخلصوا منه بصدق عزيمتهم واستعانتهم بالله عز وجل وإذا لم يمكنه التخلص منه فوراً فإنه يمكنه أن يتخلص منه بالتدرج فبدل أن يتناول عشرين سيجارة في اليوم والليلة يقلل شيئاً فشيئاً حتى يتمكن من الخلاص منه نسأل الله لنا ولإخواننا المسلمين الهداية والتوفيق والخير.

***

<<  <  ج: ص:  >  >>