للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عندما يصلى الإنسان وحده في صلاة جهرية هل يجهر بالقراءة أم هو مخير بذلك لأن كثيراً من الناس نراهم يجهرون بصلاتهم عندما يصلون وحدهم وجزاكم الله خيرا؟

فأجاب رحمه الله تعالى: يقول العلماء رحمهم الله أن الإنسان إذا صلى وحده في صلاة الليل فهو مخير بين أن يجهر بالقراءة أو يسر بها ولكن إذا كان معه أحد يصلى فلابد من الجهر ودليل ذلك حديث حذيفة بن اليمان أنه صلى مع النبي صلى الله عليه وسلم ذات ليلة فقرأ النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم وشرع في سورة البقرة وكان لا تمر به آية رحمة إلا سأل ولا آية وعيد إلا تعوذ وقال حذيفة فظننت أنه يركع عند المائة أي عند إتمام مائة آية من البقرة فمضى حتى أتمها ثم قرأ بعدها سورة النساء وآل عمران يعني قرأ النساء بعد البقرة ثم آل عمران ثم ركع وهذا يدل على أن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم كان يجهر بذلك ولولا هذا ما علم حذيفة بما كان يقوله عند آية الرحمة وآية العذاب وآية التسبيح فإنه كان إذا مر بآية تسبيح سبح وهنا إشكالان في هذا الحديث.

الإشكال الأول هل تشرع صلاة التهجد جماعة أو لا وجواب هذا الإشكال أن يقال لا تشرع صلاة التهجد جماعة على وجه الاستمرار أما أحيانا فلا بأس فإن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم صلى معه حذيفة كما في هذا الحديث ومرة أخرى صلى معه ابن عباس رضي الله عنهما ومرة ثالثة صلى معه عبد الله بن مسعود ولكنه عليه الصلاة والسلام لا يتخذ هذا سنة راتبه دائما ولا يشرع ذلك إلا في قيام رمضان فإذا كان أحيانا يصلى جماعة في التهجد فلا بأس وهو من السنة وأما ما يفعله بعض الإخوة من الشباب الساكنين في مكان واحد من إقامة التهجد جماعة في كل ليلة فهذا خلاف السنة.

الإشكال الثاني في حديث حذيفة أن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قرأ سورة النساء بعد البقرة ثم آل عمران والذي بين أيدينا أن آل عمران بعد البقرة والنساء بعد آل عمران فكيف يكون الأمر الجواب أن نقول استقر الأمر على أن تكون آل عمران بعد البقرة ولهذا تأتي الأحاديث في بيان فضائل القرآن بجمع البقرة وآل عمران مثل قوله صلى الله عليه وعلى آله وسلم (اقرؤوا الزهراوين البقرة وآل عمران فإنهما تأتيان يوم القيامة كأنهما غيايتان أو غماماتان أو فرقان من طير صواف تحاجان عن أصحابهما يوم القيامة) فكان الأمر على الترتيب الموجود الآن في المصحف.

***

<<  <  ج: ص:  >  >>