للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[هل التائب من الذنوب لا يحاسب على ذنوبه الماضية إذا تاب توبة صادقة؟ وهل مرتكبو الكبائر إذا تابوا تقبل منهم توبتهم؟]

فأجاب رحمه الله تعالى: نعم إذا تاب الإنسان توبة نصوحا فإن الله تعالى يقبل منه مهما عظم الذنب دليل ذلك قوله تبارك وتعالى: (قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ) . وهذه عامة ليس فيها تفصيل، أن مَنْ تاب من أي ذنب فإن الله يتوب عليه، وقال تعالى في التفصيل: (وَالَّذِينَ لا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهاً آخَرَ وَلا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَاماً * يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَاناً * إِلَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلاً صَالِحاً فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَحِيماً) . فالذنب مهما عظم إذا تاب الإنسان منه توبة نصوحاً غفره الله عز وجل، فهنا تجد أن الله تعالى ذكر الشرك وقتل النفس بغير حق والزنى، وكلها عدوان عظيم: الأول عدوان في حق الخالق عز وجل، والثاني عدوان على النفس في حق المخلوق، والثالث عدوان على العرض في حق المخلوق، ومع ذلك إذا تاب الإنسان وآمن وعمل عملاً صالحاً بدل الله سيئاته حسنات. ألم تر إلى قوم كانوا مشركين مضادين لدعوة الرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم، فهداهم الله وتابوا وصاروا من قادة الأمة الإسلامية؟ ولكن إذا كانت المعصية في حق مخلوق فلابد من إيصال الحق إلى أهله، فلو سرق الإنسان مال شخص وتاب من السرقة تاب الله عليه، لكن لابد أن يعيد المال إلى مالكه؛ لأنها لا تتم التوبة فيما يتعلق بحق المخلوق إلا برد الحق إلى أهله.

***

<<  <  ج: ص:  >  >>