للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

السائل حلمي محمد البيسي من القصيم يقول أثناء الصلاة أيضاً أرى بعض الأخوة المصلىن يأتون بحركات كثيرة منها تحريك ساعته ولف غطاء الرأس أكثر من مرة وتحريك يديه مع بعضها مراراً فهل هذا يبطل الصلاة أم ماذا؟

فأجاب رحمه الله تعالى: هذه الحركات التي يفعلها كثير من الناس في صلاتهم هي عبث وهي منقصة للصلاة منافية للخشوع لأن خشوع القلب وخشوع الجوارح هو اللزوم والسكينة بحيث لا ينصرف القلب إلى غير صلاته ولا تتحرك الجوارح بغير أفعال صلاته أو ما يكملها فهذه الحركات التي يشاهدها الأخ السائل هي من العبث التي لا ينبغي للمصلى فعلها بل يكره له ذلك ثم إن كثرت بحيث أخرجت الصلاة عن موضوعها وصارت إلى اللعب أقرب منها إلى الجد فإنها تبطل الصلاة إلا إذا دعت الضرورة إلى ذلك كمن تحرك بحركات كثيرة لإنقاذ نفسه من عدو هاجمه أو نحو هذا فإنه لا حرج عليه في ذلك لجواز الحركات حينئذ وقد سبق لنا أن بينا أن الحركات في الصلاة تنقسم إلى خمسة أقسام فمنها حركات واجبة ومنها حركات مستحبة ومنها حركات مباحة ومنها حركات مكروهة ومنها حركات محرمة أما الحركات الواجبة فهي التي يتوقف عليها فعل واجب في الصلاة كما لو دخل الإنسان في صلاته مسقبلاً غير القبلة ظاناً أنها هي القبلة ثم أتاه من ينبهه في محل يسوغ له أن يجتهد فيه إلى القبلة كما لو كان في البر فاتجه إلى غير القبلة ثم أتاه إنسان وقال له القبلة على يمينك فإنه يجب أن ينحرف على يمينه كما صنع الصحابة رضي الله عنهم الذين كانوا في قباء يصلون إلى بيت المقدس غير عالمين بتحويل القبلة فأتاهم آتٍ وهم في صلاة الصبح فأخبرهم بأن القبلة حولت إلى الكعبة فاستداروا وهم في صلاتهم إلى الكعبة وأتموها كذلك أيضاً لو تذكر وهو يصلى أن في غترته نجاسة أو في مشلحه نجاسة أو في سرواله نجاسة ثم بادر وخلعها وهو يصلى فإن هذه الحركة واجبة لأنه يتوقف عليها اجتناب محظور في الصلاة كما خلع النبي صلى الله عليه وسلم نعليه وهو يصلى حين أخبر بأن فيهما أذىً ومن القسم المستحب من الحركة في الصلاة إذا تحرك الإنسان لتسوية الصف كما لو شعر بأنه متقدم أو متأخر عن الصف فتقدم أو تأخر ليكون مساوياً للصف وكذلك لو أن الصف نقص وتقلص على يمينه أو يساره فدنا منه فإن هذه الحركة مستحبة لأن بها تكميل الصلاة وتكون الحركة مكروهة إذا كانت قليلة لغير حاجة كالعبث الذي ذكره السائل مثل الذي يعبث في لحيته أو يعبث في أنفه أو يعبث في ساعته أو في قلمه أو في ثوبه بدون حاجة إلى ذلك فإنه من المكروه وأما المحرم إذا كانت الحركة كثيرة متوالية بغير ضرورة بحيث تخرج الصلاة عن موضوعها وتكون الصلاة في هذه الحال إلى اللعب أقرب منها إلى الجد فهذه محرمة ولا تجوز وتبطل الصلاة إلا إذا كان لعذر فإنها مباحة لا تبطل الصلاة وأما القسم المباح وهو اليسير لحاجة كما لو أصاب الإنسان حكة أو قرصته نملة أو ما أشبه ذلك فتحرك ليحك هذه الحكة حتى تبرد عليه أو يزيل تلك النملة وما أشبه ذلك فهذا لا بأس به لأنه حركة يسيرة لحاجة وكما فعل النبي صلى الله عليه وسلم حين كان يصلى وهو يحمل أمامة بنت زينب بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم فإذا قام حملها وإذا سجد وضعها على الأرض فهذه حركة لكنها يسيرة لحاجة ففعلها النبي صلى الله عليه وسلم كذلك أيضاً من القسم المباح الكثيرة إذا كانت للضرورة كما لو هاجمه سبع أو عدو أو لحقه واد من الماء شديد أو ما أشبه ذلك وصار يسعى للتخلص من هذا الضرر فإن ذلك ضرورة ولا يبطل صلاته لقول الله تعالى (فَإِنْ خِفْتُمْ فَرِجَالاً أَوْ رُكْبَاناً) ومعلوم أن الرجال الذين يمشون على أرجلهم سوف يتحركون حركات كثيرة بقدر ما يتخلصون به من هذا المخوف.

***

<<  <  ج: ص:  >  >>