للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[بارك الله فيكم يقول السائل: هل يخلد صاحب الشرك الأصغر في النار؟]

فأجاب رحمه الله تعالى: لا يخلد صاحب الشرك الأصغر في النار؛ لأن الشرك الأصغر لا يخرج من الملة، والذي يخلد به الإنسان في النار- أعاذنا الله منها- هو الشرك الأكبر؛ لقول الله تبارك وتعالى: (وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنْصَارٍ) . ولكن هل يكون الشرك الأصغر داخلاً تحت المشيئة كسائر الذنوب، أو لابد فيه من توبة؟ هذا يحتمل أن يكون قوله تعالى: (إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ) عامّاً للشرك الأصغر والأكبر، أي إنه لا يغفر، لكن الشرك الأصغر لا يخلد صاحبه في النار. ويحتمل أن يقال: إن المراد بالشرك في قوله: (إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ) الشرك الأكبر، فيكون الشرك الأصغر داخلاً تحت قوله: (وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ) . وفضل الله سبحانه وتعالى أوسع مما نتصور، فنرجو أن يكون الشرك الأصغر داخلاً تحت المشيئة. وبهذه المناسبة أود أن أنبه إلى مسألة حول هذه الآية، أعني قوله تعالى: (إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ) فإن بعض المتهاونين بالمعاصي إذا نهوا عن المعصية قال: إن الله يقول: (إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ) . فجميع المعاصي داخلة تحت مشيئته، فيتهاون بالمعصية من أجل هذا الذي ذكره الله تعالى فيما دون الشرك. فنقول له: أنت على كل حال مخاطر، فهل تعلم أن الله تعالى يشاء أن يغفر لك؟ إنك لا تدري، فربما تكون من الذين لا يشاء الله أن يغفر لهم، فأنت مخاطر، والخطر أمر منهي عنه. ثم إن هناك أدلة أخرى محكمة ليس فيها اشتباه، وهي: وجوب التوبة إلى الله عز وجل، فقد قال الله تبارك وتعالى: (وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعاً أَيُّهَ الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ) .

***

<<  <  ج: ص:  >  >>