للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[بارك الله فيكم هذا السائل عبد الله حامد من الطائف يقول إذا صلىت الوتر وبعد ذلك أردت قيام الليل هل أوتر مرة ثانية أم تكفي المرة الأولى أم أصلى ركعة في بداية القيام؟]

فأجاب رحمه الله تعالى: نقول أولاً إذا كان الإنسان يطمع أن يقوم في آخر الليل فلا يوتر في أول الليل بل يجعل وتره آخر الليل لقول النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم (اجعلوا آخر صلاتكم في الليل وترا) ولأن صلاة آخر الليل مشهودة فيكون أفضل وأما من خاف أن لا يقوم فليوتر أول الليل لئلا يفوته الوتر ولهذا أوصى النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم أبا هريرة رضي الله عنه أن يوتر قبل أن ينام وقال عليه الصلاة والسلام (من خاف أن لا يقوم آخر الليل فليوتر أوله ومن طمع أن يقوم آخر الليل فليوتر آخره فإن صلاة آخر الليل مشهودة وذلك أفضل) ولكن إذا كان الإنسان لا يطمع أن يقوم في آخر الليل فإننا نقول أوتر أول الليل ثم إن قدر له أن يقوم بعد ذلك فإنه لا يصلى ركعةً في افتتاح تهجده ولا يوتر مرةً أخرى بل يصلى ركعتين ركعتين إلى أن يطلع الفجر فإن قال قائل كيف نقول بهذا وقد قال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم (اجعلوا آخر صلاتكم بالليل وترا) قلنا نقول به لأن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم لم يقل لا تصلوا بعد الوتر بل قال (اجعلوا آخر صلاتكم بالليل وترا) هكذا قال وهذا الرجل الذي خاف أن لا يقوم من آخر الليل فأوتر أول الليل قد جعل آخر صلاته بالليل وترا فامتثل أمر النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم ولم يرد نهيٌ من رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم عن الصلاة بعد الوتر ويشبه ذلك من بعض الوجوه قول النبي صلى الله عليه وسلم (ليلني منكم أولو الأحلام والنهى) فإن بعض أهل العلم فهموا من ذلك أن المراد أن لا يليه إلا أولو الأحلام والنهى وقال بناءً على ذلك إنه إذا وجد من لم يبلغ في الصف الأول فإنه يؤخر إلى الصف الثاني ولكن من تأمل الحديث وجد أنه لا دلالة فيه على ذلك لأن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال (ليلني منكم أولو الأحلام والنهى) فهو حثٌ لأولي الأحلام والنهى أن يتقدموا حتى يكونوا خلف النبي صلى الله عليه وسلم بل حتى يكونوا هم الذين يلون رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم ليفقهوا عنه ويأخذوا عنه سنته ولو كان يريد أن لا يكون أحدٌ من الصغار في الصف الأول لقال لا يلني إلا أولو الأحلام والنهى.

***

<<  <  ج: ص:  >  >>