للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

سائلة تقول: واجهت في حياتي عدة مشكلات جعلتني أكره الحياة، فكنت كلما تضطجرت توجهت إلى الله تعالى بأن يأخذ عمري بأقرب وقت، وهذه أمنيتي حتى الآن؛ لأنني لم أر حلاً لمشكلاتي سوى الموت هو وحده يخلصني من هذا العذاب، فهل هذا حرام علي؟ أرشدوني أفادكم الله.

فأجاب رحمه الله تعالى: الجواب: أن تمني الإنسان الموت لضر نزل به وقوع فيما نهى عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم، حيث قال عليه الصلاة والسلام: (لا يتمنين أحدكم الموت لضر نزل به، فإن كان لا بد متمنياً فليقل: اللهم أحيني ما علمت الحياة خيراً لي، وتوفني إذا علمت الوفاة خيراً لي) . فلا يحل لأحد نزل به ضر أو ضائقة أو مشكلة أن يتمنى الموت، بل عليه أن يصبر ويحتسب الأجر من الله سبحانه وتعالى، وينتظر الفرج منه؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (واعلم أن النصر مع الصبر، وأن الفرج مع الكرب، وأن مع العسر يسراً) . وليعلم المصاب بأي مصيبة أن هذه المصائب كفارة لما حصل له من الذنوب، فإنه لا يصيب المرء المؤمن هم ولاغم ولا أذى إلا كفر الله به عنه، حتى الشوكة يشاكها. ومع الصبر والاحتساب ينال منزلة الصابرين، تلك المنزلة العالية التي قال الله تعالى في أهلها: (وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ*الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ) . وكون هذه المرأة لا ترى حلاً لمشكلاتها إلا بالموت أعتبر أن ذلك نظر مخطئ، فإن الموت لا تنحل به المشكلات بل ربما تزداد به المصائب، فكم من إنسان مات وهو مصاب بالمشكلات والأذايا، ولكنه كان مسرفاً على نفسه، لم يستعتب من ذنبه ولم يتب إلى الله عز وجل، فكان في موته إسراع لعقوبته، ولو أنه بقي على الحياة ووفقه الله تعالى للتوبة والاستغفار والصبر وتحمل المشاق وانتظار الفرج لكان في ذلك خيرٌ كثير له. فعليك أيتها السائلة أن تصبري وتحتسبي وتنتظري الفرج من الله عز وجل، فإن الله سبحانه وتعالى يقول في كتابه: (فإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْراً (٥) إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْراً) . والنبي صلى الله عليه وسلم يقول فيما صح عنه: (واعلم أن النصر مع الصبر، وأن الفرج مع الكرب، وأن مع العسر يسراً) . والله المستعان.

***

<<  <  ج: ص:  >  >>