للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[ما الفرق بين المسلم والمؤمن وفقكم الله؟]

فأجاب رحمه الله تعالى: الإسلام والإيمان يتفقان في المعنى إذا افترقا في اللفظ، بمعنى: أنه إذا ذكر أحدهما في مكان دون الآخر فهو يشمل الآخر، وإذا ذكرا جميعاً في سياق واحد صار لكل واحد منهما معنى: فالإسلام إذا ذكر وحده شمل كل الإسلام، من شرائعه ومعتقداته وآدابه وأخلاقه، كما قال الله عز وجل: (إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الإِسْلامُ) . وكذلك المسلم إذا ذكر هكذا مطلقاً فإنه يشمل كل من قام بشرائع الإسلام من معتقدات وأعمال وآداب وغيرها، وكذلك الإيمان: فالمؤمن مقابل الكافر، فإذا قيل: إيمان ومؤمن بدون قول الإسلام معه فهو شامل للدين كله، أما إذا قيل: إسلام وإيمان في سياق واحد فإن الإيمان يفسر بأعمال القلوب وعقيدتها، والإسلام يفسر بأعمال الجوارح. ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم في جوابه لجبريل: (الإسلام أن تشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله) إلى آخر أركان الإسلام. وقال في الإيمان: (أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه) إلى آخر أركان الإيمان المعروفة. ويدل على هذا الفرق قوله تعالى: (قَالَتِ الْأَعْرَابُ آمَنَّا قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا وَلَكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنَا وَلَمَّا يَدْخُلِ الإِيمَانُ فِي قُلُوبِكُمْ) . وهذا يدل على الفرق بين الإسلام والإيمان: فالإيمان يكون في القلب، ويلزم من وجوده في القلب صلاح الجوارح؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (ألا وإن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله، وإذا فسدت فسد الجسد كله، ألا وهي القلب) . بخلاف الإسلام فإنه يكون في الجوارح، وقد يصدر من المؤمن حقاً، وقد يكون من ناقص الإيمان. هذا هو الفرق بينهما، وقد تبين أنه لا يفرق بينهما إلا إذا اجتمعا في سياق واحد، وأما إذا انفرد أحدهما في سياق فإنه يشمل الآخر.

***

<<  <  ج: ص:  >  >>