للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يوجد عندنا بعض الناس يزعمون أنهم فقهاء، ليسوا فقهاء علماً، بل يزعمون أنهم يضرون وينفعون من يشاؤون، بحجة أن لهم شرهة يصيبون بها من يريدون، ويكررون هذا القول في كثير من المناسبات فهل ذلك صحيح أم خرافات جاهلية؟ وكيف نتخلص من ذلك؟ علماً بأن بعض الناس يصدقونهم فيما يقولون مثل كبار السن والجهال؟

فأجاب رحمه الله تعالى: هؤلاء الذين يدعون أنهم ينفعون أو يضرون هؤلاء كذبة، لا يجوز لأحد أن يصدقهم ولا أن يسألهم عن هذه الأشياء، ويجب على من علم بهم أن يبلغ أمرهم إلى ولاة الأمور ليتخذوا اللازم، فلا أحد يملك النفع والضرر إلا الله وحده لا شريك له، حتى النبي صلى الله عليه وسلم قال الله له: (قُلْ إِنِّي لا أَمْلِكُ لَكُمْ ضَرّاً وَلا رَشَداً (٢١) قُلْ إِنِّي لَنْ يُجِيرَنِي مِنَ اللَّهِ أَحَدٌ وَلَنْ أَجِدَ مِنْ دُونِهِ مُلْتَحَداً) . وأمره الله أن يقول: (قُلْ لا أَمْلِكُ لِنَفْسِي نَفْعاً وَلا ضَرّاً إِلاَّ مَا شَاءَ اللَّهُ) . ومن زعم أن أحداً يملك الضرر أو النفع بغير أسباب حسية معلومة فإنه يستتاب، فإن تاب وإلا قتل؛ لأنه مكذب لله تعالى ولرسوله صلى الله عليه وسلم. وإني أقول لهؤلاء الذين يتوهمون صدق ما قاله هؤلاء الدجاجلة أقول لهم: اثبتوا على إيمانكم ودينكم، واعلموا أنه لا يملك أحد الضرر والنفع إلا الله وحده لا شريك له. وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال لابن عباس قال له: (واعلم أن الأمة لو اجتمعوا على أن ينفعوك بشيء لم ينفعوك إلا بشيء كتبه الله لك، ولو اجتمعوا على أن يضروك بشيء لم يضروك إلا بشيء قد كتبه الله عليك) . وفي القرآن الكريم لما ذكر الله السحرة قال: (وَمَا هُمْ بِضَارِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلاَّ بِإِذْنِ اللَّهِ) . فالمهم أن هؤلاء كذبة فيما يدعون من كونهم يملكون النفع والضرر، فإن ذلك إلى الله وحده لا شريك له، وعليهم أن يتوبوا إلى الله من هذا العمل، وأن يعترفوا بقصورهم وبتقصيرهم، وأنهم ضعفاء أمام قدرة الله، وأنهم لا يملكون دفع الضرر عن أنفسهم هم فضلاً عن غيرهم، كما لا يملكون لأنفسهم جلب نفع فضلاً عن جلبه لغيرهم إلا ما شاء الله سبحانه وتعالى، وعلى من حولهم ممن يتوهمون صدقهم أن يتوبوا إلى الله تعالى في تصديقهم، وأن يعلموا أنهم كذبة، ولا حق لهم ولا حظ لهم أيضاً في مثل هذه الأمور.

***

<<  <  ج: ص:  >  >>