للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المستمع ع. ع. ب. أيضاً من جمهورية مصر العربية يقول إنه يوجد لدينا في أرياف مصر من يقومون بالنذر للمشايخ ببعض الأطعمة مثل الزبد والألبان واللحوم وغيرها إذا كانت لديهم بعض من البهائم مريضة أو غير ذلك، وبعد شفائها يقومون بأداء النذر لهذا الشيخ. فهلا أرشدتم العباد فضيلة الشيخ؟ جزاكم الله خيراً.

فأجاب رحمه الله: نعم النذر للشيخ عند حدوث المصائب إذا زالت المصائب محرم؛ لأن هذا الشيخ لا أثر له في حصول المصلحة أو دفع المضرة أو شفاء المريض أو غير ذلك، بل قد يصل هذا إلى حد الشرك الأكبر إذا اعتقد أن الشيخ بيده نفعٌ أو ضرر دون الله. فالواجب أولاً على المشايخ أن يتنزهوا عن هذا الأمر، وأن لا يوهموا العامة بأن لديهم سراً يستطيعون به شفاء المريض، وأن يعلموا أن الدنيا دار غرور فلا تغرنهم الحياة الدنيا، وأن الشيطان ربما يخدعهم ويزين لهم سوء أعمالهم، فإن الشيطان كما وصفه الله عز وجل في قوله: (إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوّاً إِنَّمَا يَدْعُو حِزْبَهُ لِيَكُونُوا مِنْ أَصْحَابِ السَّعِيرِ) . وعلى العامة أن يبتعدوا عن هؤلاء المشايخ، وأن لا يعتقدوا بهم، وأن يعلموا أنهم دجالون كذابون ليس لديهم من الأمر شيء. وها هو النبي عليه الصلاة السلام أشرف خلق الله وأعظمهم ولاية وجاهاً عند الله يقول الله تعالى: (لَيْسَ لَكَ مِنْ الأَمْرِ شَيْءٌ) . فكيف بهؤلاء الدجالين الكذابين؟ فإنني أوجه النصيحة أولاً إلى هؤلاء المشايخ أن يتقوا الله عز وجل في أنفسهم وفي عباد الله، ثم ثانياً إلى الناس عموماً أن لا يغتروا بأمثال هؤلاء، وأن يعلموا أنهم لا يملكون لأنفسهم ضراً ولا نفعاً، فكيف يملكون لغيرهم؟ وإذا أراد الإنسان أن يشفى مريضه أو يحصل له مطلوبٌ أو يرتفع عنه مكروب فليتوجه إلى الله عز وجل، فهو الذي يجيب المضطر إذا دعاه ويكشف السوء، وهو الذي بيده الخير وهو على كل شيءٍ قدير، ليصدقوا مع الله حتى ينالوا جزاء الصادقين، كما قال الله تعالى: (لِيَجْزِيَ اللَّهُ الصَّادِقِينَ بِصِدْقِهِمْ) ، وحتى يكون لهم قدم صدقٍ عند الله عز وجل، وليعلموا أنهم إذا لجؤوا إلى الله واتقوا الله عز وجل يسر لهم الأمور وكشف عنهم الكروب. قال الله تعالى: (وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْراً) . (وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً (٢) وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ) . أما التعلق ببشرٍ مثلهم فهو سفهٌ في العقل وضلال في الدين.

***

<<  <  ج: ص:  >  >>