للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[بارك الله فيكم فضيلة الشيخ هذا السائل مصري يقول: الحلف بغير الله هل هو شرك؟]

فأجاب رحمه الله تعالى: الحلف بغير الله شرك؛ لقول النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (من حلف بغير الله فقد كفر أو أشرك) ، لكنه ليس شركاً أكبر مخرجاً من الملة، بل هو شرك أصغر، إلا أن يقع في قلب الحالف بغير الله أن منزلة هذا المحلوف به كمنزلة الله، فحينئذ يكون شركاً أكبر بناء على ما حصل في قلبه من هذه العقيدة، وإلا فمجرد الحلف بغير الله شرك أصغر، وقد قال النبي عليه الصلاة والسلام: (من كان حالفاً فليحلف بالله أو ليصمت) . وبهذه المناسبة أود أن أحذر مما وقع فيه كثير من الناس اليوم حيث كانوا يحلفون بالطلاق، فتجد الواحد منهم يقول: علي الطلاق لا أفعل كذا، أو: إن فعلت كذا فامرأتي طالق أو ما أشبه ذلك. وهذا خلاف الصواب، وأكثر أهل العلم من هذه الأمة من الأئمة وأتباعهم يرون أن الحلف بالطلاق طلاق لا يكفر، ويقولون: إذا قال الرجل: إن فعلت كذا فزوجتي طالق ففعل فإنها تطلق، ولو قال لزوجته: إن فعلت كذا فأنت طالق ففعلت فإنها تطلق، سواء نوى التهديد أو نوى الطلاق. هذا هو الذي عليه جمهور الأمة وأئمة الأمة، فالمسألة خطيرة، والتهاون بها إلى هذا الحد: لو أن رجلاً قدم لشخص فنجاناً من الشاي قال: علي الطلاق ما أشربه، ويقول الثاني: علي الطلاق أن تشرب وما أشبه ذلك. لماذا هذا التلاعب بدين الله عز وجل؟ ولو أن أحداً من العلماء الذين يرون أن الطلاق يقع يميناً ويقع طلاقاً- أعني: الطلاق المعلق- لو أن أحداً من أهل العلم قال: أنا أريد أن ألزم الناس بذلك أي بالطلاق؛ لأن الناس تتابعوا فيه فألزمهم كما ألزمهم عمر بالطلاق الثلاث، لو فعل ذلك لكان له وجه؛ لأن الناس كثر منهم هذا, كثر كثرة عظيمة، لو أن العالم الذي يستفتى قارن بين ما يستفتى عنه في مسائل الدين وبين ما يستفتى عنه في هذا الطلاق المعلق لوجد أن استفتاءه في هذا الطلاق المعلق أكثر بكثير من استفتائه في أمور تتعلق بالدين، وأنا أحذر الأزواج من أن يسهل على ألسنتهم هذا الطلاق أو هذا الحلف بالطلاق.

***

<<  <  ج: ص:  >  >>