للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[من الأردن السائل فخري أ. أ. يقول أسأل عن حكم الحلف يقول: وحياة الله لأعملن كذا فهل في هذا شيء؟]

فأجاب رحمه الله تعالى: الحلف بحياة الله حلفٌ صحيح؛ لأن الحلف يكون بالله أو بأي اسمٍ من أسماء الله أو بصفةٍ من صفات الله، والحياة صفةٌ من صفات الله، فإذا قال: وحياة الله لأفعلن كذا وكذا كان يميناً منعقدةً جائزة. وأما إذا حلف بحياة النبي أو بحياة الولي أو بحياة الخليفة أو بحياة أي معظم سوى الله عز وجل فإن ذلك من الشرك، وفيه معصية لله عز وجل ورسوله، وفيه إثم؛ لقول النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (من حلف بغير الله فقد كفر أو أشرك) . ولقول النبي صلى الله عليه وسلم: (لا تحلفوا بآبائكم، من كان حالفاً فليحلف بالله أو ليصمت) .وإنا نسمع كثيراً من الناس يقول: والنبي لأفعلن كذا، وحياة النبي لأفعلن كذا، ويدعي أن هذا مما يجري على لسانه بلا قصد. فنقول: حتى في هذه الحال عود لسانك أن لا تحلف إلا بالله عز وجل، واحبس نفسك عن الحلف بغير الله. ثم إنه بهذه المناسبة أود أن أبين لإخواني المستمعين أنه لا ينبغي للإنسان أن يكثر الأيمان؛ لأن بعض أهل العلم فسر قول الله تعالى: (واحفظوا أيمانكم) بأن المراد لا تكثروا الحلف، وإذا قدر أن الإنسان حلف على شيء مستقبل فليقل: إن شاء الله؛ لأنه إذا قال: إن شاء الله كان في ذلك فائدتان عظيمتان: الفائدة الأولى: أن هذا من أسباب تيسير الأمر الذي حلف عليه وحصول مقصوده، والثانية: أنه لو لم يفعل فلا كفارة عليه. ودليل ذلك قصة سليمان النبي عليه الصلاة والسلام حين قال: والله لأطوفن الليلة على تسعين امرأة تلد كل واحدةٌ منهن غلاماً يقاتل في سبيل الله. فقيل له: قل: إن شاء الله فلم يقل اعتماداً على ما في نفسه من اليقين، فطاف على تسعين امرأة فلم تلد إلا واحدةٌ منهن شق إنسان، أي: نصف إنسان. فقال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (لو قال: إن شاء الله لم يحنث، وكان دركاً لحاجته) . وأما الفائدة الثانية- وهي: أنه لو لم يفعل لم يحنث، يعني لو حلف أن يفعل شيئاً فلم يفعل وقد قال: إن شاء الله- فإنه لا حنث عليه، أي: لا كفارة عليه؛ لقول النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (من حلف فقال إن شاء الله فلا حنث عليه) .

***

<<  <  ج: ص:  >  >>