للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ما حكم الاحتفاظ بالصور الشمسية؟ علماً بأنها لم تعلق على الجدران، وأنها محفوظة داخل علبة، كما أنها لم تؤخذ لأجل التعظيم ولكن للذكرى. وما حكم من قام بالتصوير؟

فأجاب رحمه الله تعالى: أما الاحتفاظ بهذه الصور فإنه لا يجوز، وذلك لأن اقتناء الصور إنما يجوز إذا كانت على وجهٍ ممتهن كالتي تكون في الفرش والمخاد والمساند وما إلى ذلك مما يمتهن، هذه جائزة عند جمهور أهل العلم وإن كان فيها خلاف، لكن الجمهور على أنها جائزة. أما ما لا يمتهن، سواءٌ كان شُهر وعلق أو كان أخفي في علبةٍ وشبهها فإنه لا يجوز، ولا يحل للمرء اقتناؤه، فالصور التي للذكرى التي توجد في الحقيبة التي يسمونها ألبوم وغيرها أو غيرها هذه لا تجوز، ثم إن الذكرى لا ينبغي للإنسان أن يتعلق بها فأي ذكرى تكون؟ هذا الرجل الذي كنت حبيباً له أو صديقاً له في يومٍ من الأيام قد يكون يوماً من الأيام بغيضاً لك، ولهذا ينبغي للإنسان أن لا يسرف في الحب ولا في البغض، وقد قيل: أحبب حبيبك هوناً ما فعسى أن يكون بغيضك يوماً ما، وأبغض بغيضك هوناً ما فعسى أن يكون حبيبك يوماً ما. على كل حال هذه الذكرى لا تنبغي، والإنسان عبارة عن ابن وقته، والأحوال تختلف وتتغير، فلا ينبغي اتخاذ هذه الصور، بل ولا يجوز أن يحتفظ بها. وأما التصوير فنوعان: أحدهما: أن يكون باليد بتخطيط اليد، بمعنى: أن الإنسان يخطط صورة الجسم مثلاً من وجهٍ ويدين إلى آخره، فهذا لا يجوز، وهو الذي لعن النبي صلى الله عليه وسلم فاعله، وأخبر أن فاعليه هم أشد الناس عذاباً. وأما إذا كان التصوير بالنقل بالآلة الفوتوغرافية فهذه موضع خلافٍ بين أهل العلم، وذلك لأن التصوير بالنقل ليس تصويراً فعلياً من المصور في الحقيقة، بل هو ناقلٌ للصورة وليس مصوراً، وليس كالمصور الذي يريد أن يعمل ما فيه إبداعٌ وإتقان حتى يكون عمله وتخطيطه كتخطيط الله عز وجل وتصوير الله، وبين الإنسان الناقل الذي ينقل ما صوَّره الله سبحانه وتعالى بواسطة الضوء فبينهما فرق. ولهذا لو عرضت علي رسالة وقلت: انقلها لي فكتبتها وجعلت أصور عليها صرت الآن مصوراً والكتابة هذه كتابتي. لكن لو قلت: خذ هذه الرسالة وصورها بالآلة الفوتوغرافية فالكتابة كتابة الأول، كتابة صاحب الخط الأول، ليست كتابة الذي صور بالآلة المصورة، فهذا مثله تماماً. وهذا هو الذي نرجحه: أن التصوير الفوتوغرافي لا بأس به، لكن ينظر ما هو الغرض من ذلك؟ إذا كان الغرض اقتناء هذه الصور على وجهٍ لا يباح فهذا يحرم من هذه الناحية، فيكون تحريمه تحريم الوسائل لا تحريم المقاصد. وأما إذا كان الغرض لمصلحة كحفظ الأمن في التابعيات وشبهها فهذا لا بأس به، يعني: لا بأس بالتصوير للتابعية وشبهها، ومع هذا- مع قولنا بالجواز، أو مع ترجيحنا للجواز- نرى أن اللائق للمسلم أن يبتعد عنه؛ لأن ذلك أتقى وأورع؛ لما في ذلك من الشبهة، فإن بعض أهل العلم يرون أن التصوير حتى للصور الشمسية أو الفوتوغرافية يرون أنه حرام، وترك الإنسان لما هو محرم هذا أمرٌ ينبغي، إلا إذا دعت الحاجة إليه فإن المشتبه يزول بالحاجة.

***

<<  <  ج: ص:  >  >>