للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هذه مستمعة أم عبيد من جمهورية مصر العربية محافظة الشرقية تقول: في بلدنا بعض العادات التي وجدناها في بعض المناسبات، يعني: في عيد الفطر يعملون الكعك والبسكويت، وأيضاً في السابع والعشرين من رجب يحضرون اللحوم والفاكهة والخبز، كذلك في النصف من شعبان، وفي مولد النبي صلى الله عليه وسلم يحضرون الحلوى والعرائس وغيرها، في شم النسيم يحضرون البيض والبرتقال والبلح، وكذلك في عاشوراء يحضرون اللحم والخبز والخضروات وغيرها. ما حكم الشرع يا شيخ محمد في هذا العمل في نظركم؟

فأجاب رحمه الله تعالى: نعم أما ظهور الفرح والسرور في أيام العيد عيد الفطر أو عيد الأضحى فإنه لا بأس به إذا كانت بالحدود الشرعية، ومن ذلك أن يأتي الناس بالأكل والشرب وما أشبه هذا، وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (أيام التشريق أيام أكل وشرب وذكر لله عز وجل) ، يعني بذلك الثلاثة الأيام التي بعد عيد الأضحى. وكذلك في العيد أيضاً الناس يضحون ويأكلون من ضحاياهم ويتمتعون بنعم الله عليهم، وكذلك في عيد الفطر لا بأس بإظهار الفرح والسرور ما لم يتجاوز الحد الشرعي. أما إظهار الفرح في ليلة السابع والعشرين من رجب أو في ليلة النصف من شعبان أو في يوم عاشوراء فإنه لا أصل له، وينهى عنه ولا يحضر إذا دعي الإنسان إليه؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (إياكم ومحدثات الأمور، فإن كل بدعة ضلالة) . فأما ليلة السابع والعشرين من رجب فإن الناس يدعون أنها ليلة المعراج التي عرج بالرسول صلى الله عليه وسلم فيها إلى الله عز وجل، وهذا لم يثبت من الناحية التاريخية، وكل شيء لم يثبت فهو باطل، والمبني على الباطل باطل. ثم على تقدير ثبوت أن تلك الليلة ليلة السابع والعشرين فإنه لا يجوز أن يحدث فيها شيء من شعائر الأعياد أو شيء من العبادات؛ لأن ذلك لم يثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم، فإذا كان لم يثبت عن من عرج به، ولم يثبت عن أصحابه الذين هم أولى الناس به وهم أشد الناس حرصاً على سنته واتباع شريعته، فكيف يجوز لنا أن نحدث ما لم يكن على عهد النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه؟ وأما ليلة النصف من شعبان فإنه لم يثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم في تعظيمها شيء ولا في إحيائها، وإنما أحياها بعض التابعين بالصلاة والذكر، لا بالأكل والفرح وشعائر الأعياد. وأما يوم عاشوراء فإن النبي صلى الله عليه وسلم سئل عن صومه فقال: (يكفر السنة الماضية التي قبله) . وليس في هذا اليوم شيء من شعائر الأعياد، وكما أنه ليس فيه شيء من شعائر الأعياد فليس فيه شيء من شعائر الأحزان أيضاً، فإظهار الحزن وإظهار الفرح في هذا اليوم كلاهما خلاف السنة، ولم يرد عن النبي صلى الله عليه وسلم إلا صومه، مع أنه عليه الصلاة والسلام أمر أن نصوم يوماً قبله أو يوماً بعده، حتى نخالف اليهود الذين كانوا يصومونه وحده.

***

<<  <  ج: ص:  >  >>