للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[السائل ع م ك تركونه ليبيا يقول: ما حكم التوسل بالنبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم عند الدعاء؟]

فأجاب رحمه الله تعالى: التوسل بالنبي صلى الله عليه وسلم بالدعاء: إذا كان المتوسل قصده التوسل بالإيمان بالرسول صلى الله عليه وسلم، أو التوسل بمحبة الرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم فهذا لا بأس به. أما إذا كان قصده التوسل بذاته فلا يجوز؛ لأن التوسل بذاته لا ينفع المتوسل، فيكون قد دعا الله تعالى بما ليس سبباً للإجابة، وهذا نوع من الاستهزاء. واعلم أن التوسل أنواع، منها: التوسل إلى الله تعالى بأسمائه، فهذا مشروع، مثل أن تقول: أسألك اللهم بأسمائك الحسنى وصفاتك العليا أن تغفر لي، فهذا مشروع؛ لقول الله تعالى: (وَلِلَّهِ الأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا) . الثاني: التوسل إلى الله تعالى بصفاته، فهذا أيضاً مشروع، كما جاء في الحديث: (اللهم بعلمك الغيب، وقدرتك على الخلق، أحيني إذا علمت الحياة خيراً لي، وتوفني إذا علمت الوفاة خيراً لي) . الثالث: التوسل إلى الله تعالى بأفعاله، كما يقول المصلى: اللهم صل على محمد وعلى آل محمد كما صلىت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد، فإن قوله: كما صلىت للتعليل، يعني: كما مننت بالصلاة على إبراهيم وعلى آل إبراهيم فصلِّ على محمد وعلى آل محمد. الرابع: التوسل إلى الله تعالى بالإيمان به واتباع رسوله، كما في قوله تعالى: (رَبَّنَا آمَنَّا بِمَا أَنْزَلْتَ وَاتَّبَعْنَا الرَّسُولَ فَاكْتُبْنَا مَعَ الشَّاهِدِينَ) (آل عمران: ٥٣) ، وكما في قوله تعالى: (الَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا إِنَّنَا آمَنَّا فَاغْفِرْ لَنَا) (آل عمران: من الآية١٦) ، وكما في قوله تعالى: (رَبَّنَا إِنَّنَا سَمِعْنَا مُنَادِياً يُنَادِي لِلإِيمَانِ أَنْ آمِنُوا بِرَبِّكُمْ فَآمَنَّا رَبَّنَا فَاغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَكَفِّرْ عَنَّا سَيِّئَاتِنَا وَتَوَفَّنَا مَعَ الأَبْرَارِ) (آل عمران: ١٩٣) . الخامس: التوسل بالعمل الصالح، كما في قصة الثلاثة الذين أووا إلى غار فانطبقت عليهم صخرة لا يستطيعون زحزحتها، فتوسلوا إلى الله تعالى بصالح أعمالهم فأنجاهم الله وانفرجت الصخرة. السادس: التوسل إلى الله بحال الداعي، كأن يقول: اللهم إني فقير فأغنني، أو يقول: اللهم إني ظلمت نفسي ظلماً كثيراً فاغفر لي، وكما في قول موسى عليه الصلاة والسلام: (رَبِّ إِنِّي لِمَا أَنزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ) . السابع: التوسل إلى الله تعالى بدعاء الرجل الصالح، كما كان الصحابة يتوسلون بدعاء النبي صلى الله عليه وسلم لهم، كما في قصة الرجل الذي دخل والنبي صلى الله عليه وسلم يخطب على المنبر يوم الجمعة فقال: يا رسول الله! هلكت الأموال وانقطعت السبل، فادع الله يغيثنا. فدعا النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم، فاستجاب الله له، هذه سبعة أنواع من التوسل الجائز. وبهذه المناسبة أود أن أقول: إن طلب الدعاء من الشخص الصالح إذا كان يخشى منه أن يغتر هذا الرجل بنفسه وأن يقول: إنه من أولياء الله فهنا تحصل مفسدة فلا يسأل، كما أن الأولى بالإنسان مطلقاً أن لا يطلب من أحد أن يدعو الله له، بل يدعو هو نفسه، يدعو الله تعالى مباشرة. أما التوسل الممنوع فهو التوسل بالأموات، وقد يصل إلى حد الشرك الأكبر، وكذلك التوسل بجاه النبي محمد صلى الله عليه وسلم أو غيره من الأنبياء، أو التوسل بجاه الصالحين، كل هذا ممنوع لا ينفع.

***

<<  <  ج: ص:  >  >>