للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[جزاكم الله عنا وعن المسلمين خير الجزاء ما ضابط التوسل المشروع يا شيخ محمد؟ وما حكم من يتبركون بالصالحين بحجة أن الصحابة يتبركون بشعر الرسول صلى الله عليه وسلم؟]

فأجاب رحمه الله تعالى: التوسل المشروع أنواع منها أن يتوسل إلى الله تعالى بأسمائه وصفاته، فيقول: يا غفور اغفر لي، أو يقول: يا ذا المغفرة والرحمة اغفر لي، أو يقول: اللهم برحمتك أستغيث أو ما أشبه ذلك. ومن التوسل المشروع: أن يتوسل إلى الله تعالى بأفعاله، مثل ما جاء في التشهد: اللهم صلِّ على محمد وعلى آل محمد كما صلىت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم، فهذا توسل إلى الله تعالى بأفعاله التي منّ بها على من شاء من عباده فيما سبق. ومن التوسل المشروع: أن يتوسل إلى الله تعالى بالإيمان والعمل الصالح، كقول أولي الألباب: (رَبَّنَا إِنَّنَا سَمِعْنَا مُنَادِياً يُنَادِي لِلإِيمَانِ أَنْ آمِنُوا بِرَبِّكُمْ فَآمَنَّا رَبَّنَا فَاغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَكَفِّرْ عَنَّا سَيِّئَاتِنَا وَتَوَفَّنَا مَعَ الأَبْرَارِ) . ومن التوسل المشروع: أن يتوسل إلى الله بذكر حاجته وافتقاره إلى ربه، كقول موسى عليه الصلاة والسلام: (رَبِّ إِنِّي لِمَا أَنزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ) . ومن التوسل المشروع: أن يتوسل إلى الله تعالى بدعاء الرجل الصالح الذي ترجى إجابته، كما فعل الصحابة رضي الله عنهم حين يأتون إلى الرسول عليه الصلاة والسلام يسألونه أن يدعو الله لهم، ففي الصحيحين من حديث أنس بن مالك رضي الله عنه أن رجلاً دخل يوم الجمعة والنبي صلى الله عليه وسلم يخطب فقال: يا رسول الله! هلكت الأموال وانقطعت السبل، فادع الله يغيثنا. فرفع يديه إلى السماء وقال: (اللهم أغثنا، اللهم أغثنا، اللهم أغثنا) . فأمطرت السماء، وبقي المطر ينزل أسبوعاً كاملا، ً ثم دخل الرجل أو رجلٌ آخر وقال: يا رسول الله! غرق المال وتهدم البناء، فادع الله أن يمسكها عنا. فرفع يديه وقال: (اللهم حوالينا ولا علينا) . وليس من التوسل أن يتبرك بالإنسان بلباسه أو شعره أو عرقه أو ما أشبه ذلك، إلا النبي صلى الله عليه وسلم، فإن الصحابة كانوا يتبركون بآثاره عليه الصلاة والسلام، لكن لم يتبرك أحد منهم بالآخر، فما تبركوا نحو هذا التبرك بأبي بكر ولا عمر ولا عثمان ولا علي.

***

<<  <  ج: ص:  >  >>