للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[المستمعة بالمدينة المنورة تقول ما حكم مس الأطفال للمصحف يا فضيلة الشيخ أرجو بهذه افادة؟]

فأجاب رحمه الله تعالى: اختلف العلماء رحمهم الله في جواز مس المصحف للمحدث فمن أهل العلم من يقول إن مس المصحف للمحدث جائز وذلك لعدم الدليل الصحيح الصريح في منع المحدث من مس المصحف والأصل براءة الذمة وعدم الإلزام ومن العلماء من قال إنه لا يحل مس المصحف إلا على طهارة لأن في حديث عمرو بن حزم الذي كتبه النبي صلى الله عليه وسلم (ألا يمس القرآن إلا طاهر) والطاهر هنا هو الطاهر من الحدث لقول الله تعالى حين ذكر آية الوضوء والغسل والتيمم قال (مَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ حَرَجٍ وَلَكِنْ يُرِيدُ لِيُطَهِّرَكُمْ) ولقوله تعالى في الحيض (فَإِذَا تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللَّه) وهذا القول أصح من القول الأول لأن كلمة طاهر وإن كانت مشتركة بين الطهارة المعنوية والطهارة الحسية لكن المعهود من خطاب الشارع أن لا يعبر بكلمة طاهر لمن كان طاهراً طهارة معنوية والطاهر طهارة معنوية هو المسلم والنجس هو المشرك قال الله تبارك وتعالى (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ فَلا يَقْرَبُوا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ بَعْدَ عَامِهِمْ هَذَا) وقال النبي صلى الله عليه وسلم (إن المؤمن لا ينجس) وإذا كان لم يعهد التعبير بالطاهر عن المؤمن فإنه يحمل على المعنى الثاني أو يترجح حمله على المعنى الثاني وهو الطاهر من الحدث.

ولكن يبقى النظر هل يشمل الحكم الصغار الذين يتعلمون القرآن فتلزمهم بالوضوء أو لا يشملهم لأنهم غير مكلفين في هذا خلاف بين العلماء فمنهم من قال إن الصغير لا يلزمه أن يتوضأ لمس المصحف لأنه غير مكلف ومنهم من قال إنه يلزمه فيلزم بأن يتوضأ وهذا لا شك أنه أحوط وفيه من المصلحة أننا نغرس في قلوبهم إكرام كلام الله عز وجل وأنه أهل لأن يتطهر الإنسان لمسه فإذا كان في إلزامهم بذلك صعوبة فإنه من الممكن أن يمس المصحف من وراء حائل فإن مس المصحف من وراء حائل جائز للمحدث وغير المحدث.

***

<<  <  ج: ص:  >  >>