للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

من العراق محافظة القادسية المستمع شوقي محمد أبو سعد يقول بالنسبة لمتخذ قراءة القرآن الكريم مهنة يعتمد عليها في حياته في المآتم مثلاً مقابل مبلغ كبير من المال رأي الشرع في نظركم يا شيخ محمد في هؤلاء؟

فأجاب رحمه الله تعالى: رأيي في هؤلاء أن عملهم هذا محرم وأن هذه الطريقة التي يتوصلون بها إلى اكتساب المال طريق غير مشروعة إذ إن كلام الله عز وجل إنما نزل ليتقرب به إلى الله سبحانه وتعالى بتلاوته وفهم معانيه والعمل به فإذا حوله الإنسان إلى أن يصطاد به شيئاً من الدنيا فقد أخرجه عن مقتضاه وعما أراده الله عز وجل فيه ويكون كسبه بهذه الطريق كسباً محرماً يأثم به ويأثم به أيضاً كل من ساعده على ذلك وبذل له هذا العوض لأن مساعدته وبذل العوض له من باب معاونته على الإثم والعدوان وقد قال الله تعالى (ولا تعاونوا على الإثم والعدوان) وليعلم أن هؤلاء المستأجرين الذين يستأجرون عند موت الأموات ليقرؤوا لهم بشيء من القرآن أو يقرؤوا لهم كل القرآن ليعلم أن هؤلاء ليس لهم أجر يصل إلى الميت لأن عملهم حابط مردود عليهم لقوله تعالى (مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا نُوَفِّ إِلَيْهِمْ أَعْمَالَهُمْ فِيهَا وَهُمْ فِيهَا لا يُبْخَسُونَ (١٥) أُوْلَئِكَ الَّذِينَ لَيْسَ لَهُمْ فِي الآخِرَةِ إِلاَّ النَّارُ وَحَبِطَ مَا صَنَعُوا فِيهَا وَبَاطِلٌ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ) ولقول النبي صلى الله عليه وسلم (من كانت هجرته إلى دنيا يصيبها أو امرأة يتزوجها فهجرته إلى ما هاجر إليه) فهذا القارئ لم ينل من قراءته أجراً سوى ما أخذه من حطام الدنيا وما أخذه من حطام الدنيا لا يصل إلى الميت ولا ينتفع به الميت وعلى هذا فيكون في ذلك خسارة على أهل الميت خسارة دنيوية بإضاعة هذا المال الذي صرفوه إلى هذا القارئ المعطل في قراءته وخسارة أخروية لأنهم أعانوا هذا الآثم على إثمه فشاركوه في ذلك فعلى إخوتي المسلمين أن يتوبوا إلى الله عز وجل من هذه الأعمال وأن يسلكوا عند المصائب ما سلكه رسول الله صلى الله عليه وسلم وأرشد أمته إليه من الصبر والتحمل وأن يقول الإنسان عند مصيبته إنا لله وإنا إليه راجعون اللهم أجرني في مصيبتي وأخلف لي خيرا منها حتى يدخل في قوله تعالى (وَبَشِّرْ الصَّابِرِينَ (١٥٥) الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ (١٥٦) أُوْلَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُوْلَئِكَ هُمْ الْمُهْتَدُونَ) ومن قال هذا بصدق ورجاء ثواب واحتساب من الله عز وجل فإنه يوشك أن يخلف الله عليه خيراً من مصيبته.

***

<<  <  ج: ص:  >  >>