للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وإنما دعاهم إلى ذلك أن هذا البناء داخلٌ في الفعل. ألا ترى قلته في الأسماء وكثرته في الصفة لمضارعتها الفعل. فلما كان مضارعاً للفعل موافقاً له في البناء كره فيه ما لا يكون في فعله أبدا.

وزعم الخليل أنهم إنما منعهم من أن يقولوا في هذه ما أفعله لأن هذا صار عندهم بمنزلة اليد والرجل وما ليس فيه فعلٌ من هذا النحو. ألا ترى أنك لا تقول: ما أيداه ولا ما أرجله، إنما تقول: ما أشد يده وما أشد رجله ونحو ذلك.

ولا تكون هذه الأشياء في مفعالٍ ولا فعولٍ، كما تقول رجلٌ ضروبٌ ورجلٌ محسانٌ، لأن هذا في معنى ما أحسنه، إنما تريد أن تبالغ ولا تريد أن تجعله بمنزلة كل من وقع عليه ضاربٌ وحسنٌ.

وأما قولهم في الأحمق: ما أحمقه، وفي الأرعن: ما أرعنه، وفي الأنوك: ما أنوكه، وفي الألد: ما ألده، فإنما هذا عندهم من العلم ونقصان العقل والفطنة، فصارت ما ألده بمنزلة ما أمرسه وما أعلمه، وصارت ما أحمقه بمنزلة ما أبلده وما أشجعه وما أجنه؛ لأن هذا ليس بلونٍ ولا خلقةٍ في جسده، وإنما هو كقولك: ما ألسنه وما أذكره، وما أعرفه وأنظره، تريد نظر التفكر، وما أشنعه وهو أشنع، لأنه عندهم من القبح، وليس بلون ولا خلقةٍ من الجسد ولا نقصانٍ فيه، فألحقوه بباب القبح كما ألحقوا ألد وأحمق بما

<<  <  ج: ص:  >  >>