للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والفاء لا تدغم في الباء لأنها من باطن الشفة السفلى وأطراف الثنايا العلى وانحدرت إلى الفم، وقد قاربت من الثنايا مخرج الثاء؛ وإنما أصل الإدغام في حروف الفم واللسان لأنها أكثر الحروف، فلما صارت مضارعة للثاء لم تدغم في حرف من حروف الطرفين، كما أن الثاء لا تدغم فيه، وذلك قولك: اعرف بدراً. والباء قد تدغم في الفاء للتقارب، ولأنها قد ضارعت الفاء فقويت على ذلك لكثرة الإدغام في حروف الفم؛ وذلك قولك: اذهب في ذلك؛ فقلبت الباء فاءٌ كما قلبت الباء ميما في قولك: اصحمطراً.

والراء لا تدغم في اللام ولا في النون، لأنها مكررة، وهي تفشى إذا كان معها غيرها، فكرهوا أن يجحفوا بها فتدغم مع ما ليس يتفشى في الفم مثلها ولا يكرر. ويقوي هذا أن الطاء وهي مطبقةٌ لا تجعل مع التاء تاءً خالصةً لأنها أفضل منها بالإطباق، فهذه أجدر أن لا تدغم إذ كانت مكررة. وذلك قولك: اجبر لبطة، واختر نقلاً. وقد تدغم هذه اللام والنون مع الراء، لأنك لا تخل بهما كما كنت مخلاً بها لو أدغمتها فيهما، ولتقاربهن، وذلك: هرأيت، ومرأيت.

والشين لا تدغم في الجيم، لأن الشين استطال مخرجها لرخاوتها حتى اتصل بمخرج الطاء، فصارت منزلتها منها نحواً من منزلة الفاء مع الباء، فاجتمع هذا فيها والتفشي، فكرهوا أن يدغموها في الجيم كما كرهوا أن يدغموا

<<  <  ج: ص:  >  >>