للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أيضاً: ساروا رُوَيداً، فَيحذفون السَّيرَ ويجعلونه حالاً به وَصَفَ كلامَه، واجتزأ بما فى صدر حديثه من قول ساروا، عن ذكر السَّير.

ومن ذلك قول العرب: ضَعْهُ رُوَيداً، أى وَضعاً رُوَيْداً. ومن ذلك قولك للرجل تراه يُعالجِ شيئاً: رُوَيْداً، إنَّما تريد: عِلاجاً رُوَيْداً. فهذا على وجه الحال إلاَّ أَنْ يَظْهَرَ الموصوفُ فيكونَ على الحال وعلى غير الحال.

واعلم أن رُوَيْداً تَلحقها الكافُ وهى فى موضع افعل، وذلك كقولك: رويدك زيداً، ورويد كم زيدا. وهذه الكاف التى لحقت رويداً إنّما لحقت لتُبيَّنَ المخاطَبَ المخصوصَ، لأنّ رُوَيْدَ تقع للواحد والجميع، والذَّكر والأُنثى، فإِنَّما أَدخل الكافَ حين خاف الْتباسَ مَنْ يَعنى بمن لا يعنى، وإنَّما حذفَها فى الأوَّل استغناء بعلم المخاطبَ أنّه لا يَعنى غيرَه.

فلَحاقُ الكاف كقولك: يا فلانُ، للرَّجُل حتَّى يُقْبِلَ عليك. وتركُها كقولك للرجل: أنت تَفعلُ، إذا كان مُقْبِلا عليك بوجهه مُنْصِتاً لك. فتركتَ يا فلانُ حين قلت: أنت تَفعَلُ؛ استغناءً بإِقبالِه عليك. وقد تقول أيضاً: رُوَيْدَكَ، لمن لا يُخاف أن يَلتبسَ بسِواه، توكيداً، كما تقول للمقبِلِ عليك المُنْصِت لك: أنتَ تَفعلُ ذاك يا فلانُ، توكيداً. وذا بمنزلة قول العرب: هاءَ وهاءَك وهأْْ وهأْك، وبمنزلة قولك: حَيَّهَلَ وحيهلك، وكقولهم: النجاءك. فهذه الكاف لم تجيء علماً للمأمورين والمنبهين المضمَرينَ، ولو كانت عَلَماً للمضمَرينَ لكانت خطأُ، لأنّ المضمرينَ ها هنا فاعِلون، وعلامة المضمرينَ

<<  <  ج: ص:  >  >>