للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ومنه أن ترى الرجل أن تُخبَرَ عنه أنّه قد أَتى أمراً قد فَعَله فتقول: أَكلَّ هذا بُخلاً، أى أَتَفْعَلُ كلَّ هذا بُخْلاً. وإنْ شئت رفعتَه فلم تحمله على الفعل، ولكنّك تجعله مبتدأً.

وإنما أضمرت الفعل ها هنا وأنت مخاطب لأنَّ المخاطَب المُخبَرَ لستَ تجعلُ له فعلا آخَرَ يعمل فى المُخْبَرِ عنه. وأنت فى الأمر للغائب قد جعلتَ له فعلا آخَرَ يعمل، كأَنّك قلت: قُلْ له لِيَضربْ زيداً، أو قل له: اضربْ زيداً، أو مُرْهُ أن يَضْرِبَ زيداً، فضَعُفَ عندهم مع ما يَدخل من اللَّبس فى أمرٍ واحدٍ أَنْ يُضْمَرَ فيه فِعْلانِ لشيئينِ.

[هذا باب]

ما يُضْمَرُ فيه الفعلُ المستعمَل إظهارُه بعد حرفٍ

وذلك قولك: " الناسُ مَجزيُّونَ بأَعمالهم إنْ خيراً فخيرٌ وإن شراً فشرٌ "، و " المرء مقتولٌ بما قَتَلَ به إنْ خِنْجَراً فخنجرٌ وإن سيفاً فسيفٌ ".

وإن شئتَ أَظهرتَ الفعلَ فقلت: إن كان خِنجَرا فخنجرٌ وإن كان شرّا فشرٌ. ومن العرب من يقول: إنْ خِنجرا فخِنْجَراً، وإنْ خيرا فخيراً وإن شرّا فشرّا، كأَنه قال: إن كان الذى عَمل خَيرا جُزىَ خيرا، وإن كان شرّا جزىَ شرًّا. وإنْ كان الذى قَتَلَ به خنجرا كانَ الذى يُقْتلُ به خنجرا.

والرفعُ أكثرُ وأحسن فى الآخِر؛ لأنَّك إذا أدخلتَ الفاء فى جواب الجزاء استأنفتَ ما بعدها وحَسَنَ أن تقع بعدها الأسماءُ.

<<  <  ج: ص:  >  >>