للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الحق وأذعن له، وصدّق بالقرآن ورسول الله، فإنما يهتدي لنفسه ويسعى لها، أي يعود نفع عمله وثواب اهتدائه واتّباعه على ذاته، ويجد خير رشده في مصيره وآخرته لأنه يوجب لها رحمة الله ويدفع عذابه.

ومن ضلّ، أي حاد عن طريق الحق، ولم ينظر بعين الحقيقة، وحاد عن منهج الله، وكفر بربّه عزّ وجلّ، فإنما يضلّ على نفسه، أي يرجع وبال عمله عليه. والدنيا مزرعة الآخرة، فمن زرع نباتا حسنا استفاد منه، ومن زرع نباتا سيّئا، حصد منه الشّر والضّرر.

ثم يؤكد القرآن عنصر الإرادة والاختيار وترك الإجبار في قوله تعالى لرسوله:

وَما أَنَا عَلَيْكُمْ بِوَكِيلٍ أي وما أنا بموكل بكم من عند الله بأموركم حتى أجعلكم مؤمنين، وأكرهكم أو أجبركم على الإيمان، وإنما أنا نذير منذر لكم عذاب الله لمن أعرض وكذب، وبشير أيضا، أي مبشّر من اهتدى، والهداية على الله تعالى.

والرسول مجرّد مبلّغ وحي ربّه، لا يأتي بشيء من عند نفسه، لذا تعدد الأمر القرآني لرسوله بأن يعلن أنه ما عليه إلا البلاغ، وأنه مأمور بالتبليغ، وهنا قال الله له: وَاتَّبِعْ ما يُوحى إِلَيْكَ.. أي اتّبع يا محمد ما أنزل الله عليك، وأوحاه إليك عن طريق جبريل، وتمسّك به أشدّ التّمسّك، واصبر على دعوتك وأذى قومك ومخالفة من خالفك من الناس المعاندين والمستكبرين، حتى يحكم الله، أي يقضي بالفصل بينك وبينهم، أي المكذّبين من قومك، فينصرك الله عليهم ويحقق لك الغلبة، وهو خير الحاكمين، أي أعدل الحكام وأحكمهم، يقضي بالعدل التام والحكمة الصحيحة، والواقع الحقيقي. وقد أنجز الله وعده لنبيّه صلّى الله عليه وسلّم، فنصره مع الجند المؤمنين، على تكتّلات المشركين العرب ومؤامراتهم، واستخلف الله أهل الإيمان في الأرض، وجعلهم الأئمة الوارثين.

<<  <  ج: ص:  >  >>