للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مدينة سدوم الذين بعث فيهم لوط عليه السّلام، والذين كانوا يتعاطون المنكر، ويأتون الرجال شهوة من دون النساء، فاستحقّوا أن يوصفوا بالمجرمين، والجرم:

الذي يجرّ الجرائم ويرتكب المحظورات.

ثم أخبر الملائكة إبراهيم أنهم سينجّون آل لوط جميعهم من بينهم، إلا امرأته، أي امرأة لوط التي كانت متواطئة مع قومها، فإنها ستكون من الغابرين، أي الباقين مع الكفرة الهالكين، فإنا مخلّصو جماعة لوط المؤمنين من العذاب- عذاب الاستئصال- وقوله تعالى: قَدَّرْنا أي بتقدير الله تعالى أن امرأة لوط من الباقين في العذاب، ونسب الملائكة ذلك لأنفسهم، باعتبارهم المنفّذين لأمر الله تعالى.

ثم بعد إبراهيم ذهب الملائكة إلى لوط عليه السّلام، فلما وصلوا إليه، أخبروه بأنهم مرسلون لعذاب قومه، فلم يعرفهم لوط لأول وهلة كما حدث لإبراهيم، فقال لهم: إنكم قوم منكرون، أي غير معروفين لدي، تنكركم نفسي، وأخاف أن تباغتوني بشرّ، فمن أي الأقوام أنتم؟ فأجابوه: لقد جئناك بما يسرّك، وهو عذاب قومك وإهلاكهم وتدميرهم، الذي كانوا يشكّون في وقوعه بهم، ويكذبونك فيه قبل مجيئه.

ولقد أتيناك بالأمر المحقّق واليقين والأمر الثابت الذي لا شك فيه، وهو تعذيب قومك، وإننا لصادقون فيما أخبرناك به من هلاكهم، ونجاتك مع أتباعك المؤمنين.

وبما أن إيقاع العذاب المدمر ليس أمرا سهلا، أكّد الملائكة قولهم للوط بثلاثة تأكيدات، فقالوا: إنا جئناك بما كانوا فيه يمترون أي يشكّون، وأتيناك بالحق، وإنا لصادقون في هذا الخبر.

وتمهيدا لتنفيذ العذاب، قال الملائكة للوط عليه السّلام: سر بأهلك بعد مضي جزء من الليل، وأهله: ابنتاه فقط، وامش وراء أهلك ليكون أحفظ لهم ولا يبقى

<<  <  ج: ص:  >  >>